يعتبر العنف الجنساني ضد المرأة مسألة حقوقية تندرج ضمن حقوق الإنسان بأبعادها ومكوناتها المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي لا يجب التعاطي مع العنف ضد المرأة من جانب كونه اعتداء أو مساس يقع على مرأة أو طفلة وإنما هو جزء من سياق وفلسفة ذكورية انبثقت من علاقات القوى غير المتكافئة على مدى التاريخ بين الرجل والمرأة، مما أدى إلى سيطرة الرجل على المرأة وتمييزه ضدها والحيلولة دون نهوض المرأة بالكامل. والعنف ضد المرأة طوال أطوار حياتها نابع أساساً من الأنماط الثقافية، وبخاصة الآثار الضارة المترتبة على عادات أو تقاليد معينة وجميع أعمال التطرف المرتبطة بالعنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين التي تديم تدني المركز الممنوح للمرأة في الأسرة ومكان العمل والمجتمع المحلي والمجتمع ككل.
وانطلاقا من كون العنف الجنساني ضد المرأة مسألة حقوقية ويمثل انتهاكا لحقوق الانسان 1، أضحىت الدول مسؤولة عن مراعاة ثاث مستويات من الالتزامات لإعمال وتجسيد هذا الحق وهي:
•الالتزام بالاحترام
•الالتزام بالحماية
•الالتزام بالتنفيذ وهذه الالتزامات تقضي باحترام الدول لحق الفرد في سامة جسده وعدم
تعنيفه والتعرض له بأي شكل من أشكال العنف فضا عن وجوب تدخل الدولة لإلغاء كافة التشريعات والقوانين والسياسات التي تتعارض مع ذلك.
كما تقضي تدابير الحماية تدخل الدولة للقضاء على كافة ألممارسات العرفية وكافة الممارسات السلبية التي تؤدي الى استمرار مفهوم الدونية أو السمو لدى كلا الجنسين فضا عن رصد الدولة لسلوك وممارسات الجهات الفاعلة من خارج القطاع الرسمي للتأكد من عدم انتهاكها لحقوق.
وعلى صعيد التنفيذ فذاك يعني قيام الدولة بدور إيجابي على صعيد النشر والتوعية بالحقوق ووضع
السياسات التي تكفل تطبيقها
لا شك بأن من أهم أسباب انتشار العنف ضد المرأة والفتاة، الثقافة الذكورة التي رسختها العادات والتقاليد والمعتقدات لتعزيز سيطرة الرجال على النساء وحق امتاك الرجل لسلطة التعنيف، كما عكست فلسفتها على النهج التمييزي ضد المرأة سواء في إنكارها للشخصية القانونية للمرأة أو في رفض الاعتراف في حقها بالمساواة التامة، أو من خال حصر دور ومكانة المرأة بأدوار نمطية سواء على صعيد العمل أو على صعيد الوظائف أو الملكية أو على صعيد التصرفات الجائز والممكن لها التصرف بها كالقبول والموافقة على عقد زواجها أو القبول والموافقة على التعدد أو الحصول على موافقة الأب في اصطحاب الأطفال لخارج الدولة، وغيرها من الحقوق التي صاغ المشرع مضمونها ونطاق التمتع بها وممارستها من منظور نمطي لدور المرأة.
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الورقة التي تكمن غايتها في تسليط الضوء بشكل مقتضب على واقع العنف الجنساني في فلسطين عموما وعلى واقع العنف الجنساني في محافظة الخليل والتحديات التي تواجه مقدمي خدمة الحماية في هذه المحافظة، وذلك لغاية التنبيه للفجوات والتحديات التي قد تجول دون قيام بيئة عمل آمنة وخالية من العنف، وأيضا لتعزيز العمل على البعد الوقائي أي وضع السياسات والتدابير والإجراءات التي تحول دون وقوع هذا السلوك في عالم العمل، أو لوضع
السياسات والحلول التي تعالج هذه الظاهرة وتحمي المرأة والطفلة من مخاطرها، لتعزيز بيئة آمنة وخالية من العنف بأشكاله ومكوناته المختلفة وسبل ضمان وصون كرامة النساء وحقوقهن بمواجهة أي سلوك قد يندرج في نطاق العنف وأشكاله المختلفة
تحميل