الطفلة الأولى

09 يناير 2025

عبير فلسطينية من شمال غزة تبلغ من العمر 19 عام، في بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 كانت تحمل بطفلها الأول في أواخر الشهر السادس، وبسبب قرب المنطقة التي تعيش فيها من الحدود مع إسرائيل وباشتداد القصف نزحت إلى مدارس الإيواء التابعة لوكالة الغوث وعاشت خلال النزوح المتكرر أيام صعبة من معاناة وقهر وجوع نتيجة انعدام توفر الطعام وقلة توفر المياه وفي حال وجودها تكون ملوثة،

ذكرت قائلة: " أتذكر عندما كان يتساقط المطر أملأ كوباً من مياه المطر حتى أشربه".
 

اشتد القصف في أحد الأيام وتناثرت الشظايا والقذائف في كل مكان حتى وصلت المدرسة والخيمة التي تعيش فيها، كانت تضع العطر على أنفها حتى لا تختنق من قوة رائحة الغاز لحماية جنينها، وأثناء جلوسها ضربت قنبلة غاز ظهرها واشتعلت الخيمة ولكن تمكن زوجها والجيران من إنقاذها وإخماد الحريق في آخر لحظة.

بتاريخ 15/1/2024 شعرت بألم شديد في بطنها وعندما ذهبت إلى المستشفى أخبرتها الطبيبة أن ذلك بسبب الخوف والرعب مما تعرضت له، لكن مع اشتداد الألم ذهبت لمستشفى كمال عدوان وبعد أن قامت الطبيبة بفحصها أخبرتها بأنها في حالة ولادة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت وأخبرتها أن تعود في الصباح، وبعد مرور ثلاثة ساعات على عودتها من المستشفى لم يعد بإمكانها تحمل الألم وسالت كمية كبيرة من المياه على قدميها وحينها أخبرتها والدة زوجها بأنها في حالة ولادة فشعرت حينها بالخوف على نفسها وجنينها، يصرخ زوجها ووالدته يناشدون بطلب المساعدة فيما إذا كانت هناك طبيبة تتواجد في المكان، كانت هناك ممرضة من النازحين فجاءت وساعدتها حتى وضعت المولود لكن في ظل عدم وجود الأدوات والمعدات اللازمة تمكنت فقط من ربط الحبل السري حتى لا ينقطع، وأصيبت الأم بنزيف حاد فتمكن الزوج من تأمين وسيلة مواصلات لنقلها للمستشفى والقصف فوق رؤوسهم على طول الطريق.

عانت في المستشفى هي وطفلتها من نقص الاحتياجات الأساسية كسرير نظيف وأغطية وملابس لطفلتها في ظل إعلان المستشفى لحالة الطوارئ ونقص في الأدوات والمعدات الطبية، أما بالنسبة إلى فترة ما بعد الولادة فلم تحصل على تغذية جيدة والحليب الصناعي لم يكن متوفر واستمر الحال مدة أربعة أشهر حتى قررت النزوح إلى جنوب قطاع غزة لتوفر لطفلتها الغذاء المناسب وذكرت قائلة: "فهي طفلتي الأولى التي تمنيتها من الدنيا لا أريد أن أفقدها بسبب قلة التغذية". سلكوا طريق شارع الرشيد (شارع البحر) سيراً على الأقدام، كانت الطريق صعبة والجثث والأشلاء متناثرة في كل مكان مع استمرار صوت الرصاص والقذائف، والآليات والجنود تحيط بهم يميناً ويساراً، دخلتْ إلى غرفة مليئة بالكاميرات التي اقتربت وفحصتها هي وطفلتها وطلب الجنود من زوجها أن يُخرِج هويته ويرفعها لأعلى ثم طلب الجنود منهم أن يستمروا بالمشي دون الالتفات للخلف.

أكملوا سيرهم حتى وصلوا إلى مدينة رفح وجلسوا في خيمة أهل زوجها حتى تم إخلاء مدينة رفح جراء شن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية فيها، فنزحت مرة أخرى إلى دير البلح وأقامت في خيمة مصنوعة من القماش والأغطية، وعند خروجها في يوم من الأيام لتعبئة المياه تساقطت الأمطار فجأة وعادت مسرعة إلى الخيمة فوجدتها مبتلة وكانت ابنتها الرضيعة نائمة فيها مما تسبب في مرضها. الأوضاع صعبة للغاية وحالتها النفسية تزداد سوءاً ولن تشعر بالراحة حتى تعود لمدينة غزة في حين أن الشتاء قادم ولا يملكون خيمة تحميهم من الأمطار.

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: المرأة الغزية