منزل بلا جدران: رحلة عائلة في دروب النزوح

09 يناير 2025

سلمى فلسطينية من شمال غزة – جباليا تبلغ من العمر 28 عام أم لثلاثة أطفال، تاريخ 7 أكتوبر 2023 قلب حياتهم حين شن الاحتلال الإسرائيلي العدوان على قطاع غزة جواً وبراً وبحراً، اضطرت هي وأسرتها إلى ترك البيت عندما بدأ الخطر يقترب منهم من قصف وأحزمة نارية، ذكرت قائلة: "كنت أعرف بأني سوف أترك البيت وأنزح لمكان غير بيتي بسبب قوة القذائف في منطقة الشمال وشدة القصف، ومن أجل هذه اللحظة كنت مجهزة بعض الحقائب ووضعت فيها غيارات واحتياجاتنا أنا وزوجي وأولادي"، ذهبوا إلى منطقة المسجد العُمري حيث يسكن أهلهم لكن سرعان ما أصبحت المنطقة ساحة قتال، مع استمرار القصف تم إخلاء الجميع إلى جنوب قطاع غزة على اعتبار أنها منطقة آمنة، وفي ظل عدم تمكنهم من توفير وسيلة نقل ساروا لمدة نصف ساعة مشياً على أقدامهم حتى وصلوا لأقرب نقطة من الحاجز الفاصل بين الشمال والجنوب.

واصلوا سيرهم حتى وجدوا عربة نقلتهم من الشجاعية حتى الدوار الكويتي، يشاهدون شلالات الدماء والجثث والأشلاء ملقاة على الأرض في كل مكان وصوت الرصاص الذي رافقهم طوال الطريق. انتظروا حوالي خمس ساعات عند وصولهم قبل أن يتمكنوا من دخول الحاجز، تحت أشعة الشمس والأطفال خائفين ويصرخون من شدة وعنف المشاهد التي شاهدوها وبفعل انتشار آليات الاحتلال الإسرائيلي وقناصاته في كل مكان دون أن يتمكنوا من الحصول على طعام وشراب طوال تلك المدة.

طوال فترة انتظارهم والجنود يَشْتِمون النازحين ويستهزؤون بهم يعتقلون الرجال منهم ويطلبون منهم خلع ملابسهم والنساء تُهان أمام الجميع، وحين وصولهم إلى الحاجز طلب منهم الجنود رفع هوياتهم للأعلى وأثناء تفتيش الجنود لهم قاموا بسرقة ما يملكونه من أموال وذهب ولم يتركوا لهم ولعائلاتهم شيء، واصلوا مشيهم بعد تخطي الحاجز حتى وصلوا إلى منطقة الزوايدة الساعة العاشرة ليلاً منهكين جوعى.

دخلوا مدرسة بعد أن تم إنشائها من جديد ولكثرة عدد النازحين فيها فلم يجدوا مكان لهم حتى أخبرهم رجل لحزنه عليهم بأن يقيموا خيمة لهم على سطح المدرسة، وذكرت قائلة: "لم يكن معنا لا فراش ولا غطاء فقمت بفتح أكياس البلاستيك وفرشها على الأرض فنمت أنا وزوجي عليها ووضعنا أولادنا في أحضاننا"، كانت ليلة صعبة جداً عليهم كالكابوس وبحلول الصباح كان عليهم إحضار أغطية وفراش من جيرانهم لإقامة خيمة تحميهم من برد الشتاء القادم بعد أن أخذَ جنود الاحتلال كل ما يملكونه من أموال.

تأتي معاناة أخرى متعلقة بالطعام فلم يكن هناك دقيق متوفر وأولادها جوعى يطلبون الطعام، فذهب زوجها وأحضر المتوفر من علف الحيوانات ونخالة البط والتي سبب أكلها إصابة أطفالها بالأمراض ومشاكل في الهضم، وغيرها من الصعوبات المتعلقة بإشعال النار لطهو الطعام وتسخين المياه في الشتاء ومياه الشرب مالحة جداً ودخول مياه المطر للخيمة.

قصف آخر بجانب المدرسة المتواجدين فيها جعلهم يغادرونها وذهبوا إلى شاطئ البحر في رفح لعدم وجود أماكن أخرى، وكانت تلك المنطقة بعيدة عن السوق وحتى عن مقدمي المساعدات وبالتالي صعوبة في توفير الطعام. بعد مرور خمسة أشهر تم اعتبار مدينة رفح منطقة قتال خطيرة وعلى الكل إخلائها فنزحوا إلى مدرسة في دير البلح أقاموا خيمة وجلسوا فيها مدة أربعة أشهر حتى تم إخلاء منطقة شرق دير البلح المتواجدين فيها فمكثت هي وعائلتها مدة أسبوع في خيمة أحد الأقارب حتى تصبح منطقة شرق دير البلح آمنة مرة أخرى ويتمكنوا من العودة.

عادت هي وعائلتها إلى نفس المدرسة في شرق دير البلح وهم متواجدين فيها حتى هذه اللحظة يقيمون في خيمة مهترئة، وأحد أبنائها يعاني من حالة مرضية وعلاجها غير متوفر، ولا تعلم إلى متى سيعيشون هذه المعاناة فلا يوجد مكان آمن في قطاع غزة وقد تنزح هي وعائلتها مجدداً، فقدوا كل شيء يملكوه بما في ذلك منزلهم في شمال قطاع غزة حيث تدمر بالكامل.

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: المرأة الغزية