بيان صحفي
صادر عن مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني – 17 نيسان/أبريل 2025
بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، الذي يصادف السابع عشر من نيسان/أبريل من كل عام، يُجدد مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي تأكيده على التزامه الثابت بحقوق الأسرى الفلسطينيين، وتحديدًا الأسرى من النساء والأطفال، في سجون الاحتلال الإسرائيلي. يأتي ذلك في ظل تصاعد الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وخاصة بعد حرب الابادة على قطاع غزة الذي بدأ في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
الوضع القانوني والإنساني للأسرى الفلسطينيين
وفقًا للمعطيات الصادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين و الفلسطينية المختصة في متابعة أوضاع الاسرى الفلسطينيين، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال منذ بداية العدوان في تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى نهاية آذار/مارس 2025 في الضفة الغربية وحدها نحو 16,400 حالة اعتقال، من بينها 510 نساء و1,300 طفل. كما أن الاعتقالات تشمل جميع الفئات الاجتماعية من مختلف الأعمار والشرائح. ويضاف إلى ذلك العدد الآلاف من حالات الاعتقال في قطاع غزة، والتي لا يزال العديد منها مجهولًا في إطار سياسة الإخفاء القسري.
تستمر سلطات الاحتلال في ممارسة سياسة الاعتقال الإداري بشكل متزايد، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى نيسان/أبريل 2025 3,498 معتقلًا، من بينهم أكثر من 100 طفل، مما يعكس زيادة غير مسبوقة في استخدام هذا النوع من الاعتقال، الذي يفتقر إلى أي أسس قانونية أو محاكمات عادلة، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، لا سيما اتفاقيات جنيف.
معاناة النساء والأطفال في السجون
تُظهر التقارير الميدانية أن النساء الفلسطينيات في سجون الاحتلال يُواجهن ظروفًا قاسية وغير إنسانية، تشمل الاعتقال في ظروف غير صحية، وتعرضهن للتفتيش العاري، والاعتداء الجسدي والنفسي، والعزل الانفرادي، فضلاً عن الحرمان من الرعاية الصحية اللازمة. وتُعد الأسيرات في السجون الإسرائيلية عرضةً للعديد من الانتهاكات التي تخالف الاتفاقيات الدولية، التي تحظر جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما أن الأطفال الفلسطينيين الذين يُحتجزون في سجون الاحتلال يعانون من ظروف لا تراعي حقوقهم كقاصرين، من حيث حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية المناسبة، وتعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي، والتهديد بالعنف، وهو ما يشكل خرقًا صارخًا للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل.
استشهاد الأسرى وتفشي الأمراض
في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها الأسرى، استشهد 63 أسيرًا منذ بداية الإبادة الجماعية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. كان آخرهم الشهيد الطفل وليد أحمد 17 عامًا الذي استشهد في سجن "مجدو" بعد تعرضه للتجويع، والإصابة بمرض الجرب، وحرمانه من العلاج الطبي المناسب. هذا بالإضافة إلى استمرار تفشي مرض الجرب في العديد من السجون، لا سيما سجن "النقب" و"مجدو"، مما يُعرض حياة المئات من الأسرى للخطر.
إن هذه الجرائم لا تقتصر على الحرمان من العلاج، بل تشمل الإهمال الطبي المتعمد، الذي يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية وفقًا للمبادئ القانونية الدولية، مما يُعرض حياة الأسرى الفلسطينيين لخطر الموت البطيء.
الاعتداءات والانتهاكات المستمرة
منذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تواصل سلطات الاحتلال ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأسرى الفلسطينيين. وتشمل هذه الانتهاكات عمليات الاعتداء الجسدي، والتعذيب النفسي، والتهديدات بالعنف، والاعتقالات العشوائية. كما تم توثيق استخدام التعذيب الجسدي والضرب المبرح من قبل وحدات القمع الإسرائيلية، ولا سيما في سجون "النقب" و"عوفر". وقد تم توثيق عدة حالات من التنكيل بالأسرى، بما في ذلك الأطفال والنساء.
تستمر إدارة سجون الاحتلال أيضًا في فرض القيود على الزيارات القانونية، مما يعيق قدرة المحامين على الدفاع عن موكليهم. كما تعمد إدارة السجون إلى إخفاء المعتقلين في أماكن احتجاز سرية، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للحق في معرفة مكان الاحتجاز، ويُعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.
الدعوة إلى تحرك دولي فوري
في ضوء ما تعرض له الأسرى الفلسطينيون من انتهاكات مستمرة وتزايد وتيرة الجرائم المرتكبة بحقهم، يطالب مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بتحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، والتحرك الفوري للضغط على سلطات الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات. كما يدعو المركز إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة ضد الأسرى الفلسطينيين، وخصوصًا في ظل تصاعد جرائم الإخفاء القسري، والإهمال الطبي، والعنف الموجه ضد النساء والأطفال.
ختاماً إن حرية الأسرى هي حق غير قابل للتفاوض، ولا يمكن أن يتم تحقيق العدالة دون أن يُعترف بحقهم في العيش بحرية وكرامة. إننا نُجدد التزامنا بالنضال المستمر من أجل الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين، ونؤكد على ضرورة محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ضد الإنسانية.
كما نُعبر عن تضامننا الكامل مع الأسرى، ونُؤكد أن حقوقهم يجب أن تكون في صلب أولويات العمل الحقوقي على المستوى الدولي، وأن استمرار الانتهاكات في سجون الاحتلال يمثل تحديًا مباشرًا لأسس العدالة الإنسانية.