الحقوق الاقتصادية للمرأة بين النظرية والتطبيق

13 أبريل 2016

 نظم معهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس) ومجلة ميدل ايست بزنس / الشرق الأوسط للأعمال، الثلاثاء، 12 نيسان، ندوة بعنوان (الحقوق الاقتصادية للمرأة، بين النظرية والواقع)، بالتعاون مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي ومجموعة ايكويتي القانونية و GIZ. وعقدت هذه الورشة لتسلط الضوء على الحقوق الاقتصادية للمرأة، مع تزايد نسبة المشاركة للمرأة في سوق العمل، وما يرافقها من انتهاكات لحقوقها الإنسانية.

وافتتح الجلسة مدير عام معهد ماس، الدكتور نبيل قسيس، مؤكدا على ضرورة تعاون كافة المؤسسات العاملة في الوطن من مختلف القطاعات على الحد من المشاكل التي تواجهها النساء في المجتمع الفلسطيني، وخاصةً المشاكل الاقتصادية أو ما يسمى "بالتعنيف الاقتصادي".

وبدأت أمل ضراغمة مصري ، رئيس تحرير مجلة ميدل ايست بزنس بالحديث عن إمكانية المساواة بين الرجل والمرأة بشكل عام، حيث أن المرأة تحمل أعباء أكثر منها للرجل لكونها تحمل أعباء الحمل والإنجاب، ولكن يجب العمل على تحقيق التكافؤ الاقتصادي بين الجنسين على الأقل، حيث أن تمكين المرأة وتمتينها اقتصاديا هو أمرا ذكي وضروري للنهوض بالمجتمع في كافة المناحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

كما أضافت ضراغمة بأن العمل على ذلك من شأنه زيادة الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، إلا أن ما يحصل في سوق العمل الفلسطيني هو بعض الزيادة في نسبة مشاركة النساء في سوق العمل مع عدم ترافق ذلك مع تحسن في الأجور التي تتقاضاها، وعدم الوصول الى الاستقلال الاقتصادي الذي يمكنها من أخد قراراتها بنفسها، مؤكدة على ضرورة التأكيد على الملاءة الاقتصادية المستقلة للمرأة في الإسلام على كل الأصعدة.

وقد أوردت احدث إحصائيات التي نشرتها منتدى الاقتصادي العالمي وارنست ويونغ بأن العالم بحاجة الى 117 عام للوصول الى المساواة الاقتصادية وأوردت الإحصائيات كذلك أن الأجور التي تتقاضاها النساء اليوم هي ما كان يتقاضاه الرجال قبل عشرة اعوام. علما بان العالم قد حقق تقدما في جسر الهوة بين الجنسين بنسبة أربعة بالمئة فقط على المستوى السياسي والاجتماعي، وثلاثة بالمئة على المستوى الاقتصادي.

وركزت المصري على مصادر الدخل والمصادر المالية المختلفة للمرأة والتي تشكل النواة المالية لاي استقلال اقتصادي، منها الميراث والمهر المعجل والمؤجل والنفقة والأجر من العمل، امتلاك الاعمال، ويتخللها جميعاً التمييز ولا يتم التعامل معها بسواسية كالرجل. وأضافت إلى ضرورة التوقف عن محاولة الانتقاص من قيمة المرأة بمنعها من الشهادة وعمل جوازات سفر لاولادها وعدم الوصاية على اولادها وعدم تقديم أي تشجيع لها في قانون تشجيع الاستثمار.

من جهتها، تحدثت رندة سنيورة، المدير العام لمركز المرأة للإرشاد الاجتماعي والقانوني عن المعيقات القانونية التي تحول دون تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في مجتعنا. وأشارت الى أن تمكين المرأة لا يتم فقط من خلال توفير المشاريع المدرة للربح، ولكن من خلال تمكين المرأة وحمايتها من العنف القانوني.

وتطرقت سنيورة إلى العديد من الإحصائيات التي تؤكد على مدى التمييز ضد المرأة في سوق العمل، حيث أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل الفلسطيني19.1%، ومعدل الأجر اليومي لها يبلغ 87.9 شيكل مقابل 108 شيكل للذكور. ومن ناحية قانونية، أضافت السيدة رندة إلى أن هناك تمييز واضح في المستحقات المتعلقة بقانون الضمان الاجتماعي وقانون التقاعد، أي أنه يتم التمييز ضد المرأة أمام القانون، وخصوصا بعد التعديلات الأخيرة على قانون العمل فيما يتعلق بإجازات الأمومة للنساء العاملات. كما أكدت على أن عدم تقدير الأعمال المنزلية التي تقوم بها المرأة وما يساهمه ذلك في الاقتصاد هو أيضا تهميش لإنتاجها، حيث أن النساء ينتجن نصف غذاء العالم، ولكنهن يجنين 10% من دخل العالم!

كما تحدثت سنيورة عن المعيقات التي تواجهها النساء بشكل عام كارتفاع معدل البطالة بين الاناث المشاركات في سوق العمل، والذي يبلغ 39.2 % مقارنة ب 22.5 % لدى الرجال. كما تطرقت الى قضية الميراث والمشاكل التي تواجهه المرأة بمجرد مطالبتها به، فقد شكلت نسبة النساء اللواتي يحصلن على ميراثهن بدون تعرضهن لمشاكل 3% فقط ممن يحصلن على حقهن في الميراث، بالإضافة إلى التعقيدات في المعاملات التجارية المختلفة التي لا تعترف بتوقيع امرأة واحدة فقط على غالبية العقود، مستخدمين المراجع الدينية بصورة غير صحيحة، ووجود بعض التعقيدات في الوصايات القانونية وعدم قدرة المرأة على السيطرة الكاملة على ملكيتها ودخلها ومشروعها إن وجد، ناهيك عن العوائق التي تواجهها المرأة بسبب العادات والسيطرة الذكورية السائدة.

كما أكدت على حق المرأة في حصولها على ذمة مالية مستقلة عن الرجل مما يعطيها حريتها واستقلاليتها في عدة مجالات، ويمكنها من اتخاذ قراراتها بشكل مستقل. فقد أكدت العديد من الإحصائيات على أن 90 % من النساء ينفقن أموالهن على أسرهن وفي سبيل تحسين الوضع المعيشي للاسرة بشكل عام بينما ينفق الرجل 60 % من أمواله على أسرته.

وقالت إنه على الرغم من كل الجهود التي تم القيام بها على مستوى محلي وعالمي كالإنضمام لمنظمات تعمل من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، وبالرغم من التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي تحارب التمييز وخصوصا ضد المرأة كاتفاقية سيداو عام 1969، إالا أن ما نراه على أرض الواقع لا يعكس نتيجة هذه الجهود.

وفي كلمتها قالت المحامية لبنى كاتبة من مجموعة ايكوتي القانونية، أن العديد من الامثلة التي تصف معاناة نسبة كبيرة من النساء في العديد من القضايا الاقتصادية، وقد أكدت على ضرورة العمل المستمر على هذا المحور، بل يجب تكثيف الجهود من أجل زيادة الوعي حول أهمية انصاف المرأة في جميع المجالات، أهمها حق المرأة بالتملك والتصرف بأموالها، حقها في العمل وتساوي الاجور وما يتبع العمل من حقوق الضمان الاجتماعي، بالاضافة إلى حقها في الاستثمار بالطريقة التي تراها مناسبة مثل شراء الأسهم لأولادها وغيرها، وركزت على العديد من الامثلة مثل منع المرأة من استصدار جوازات سفر لأولادها، وك>لك في حالة وفاة الزوج يتم اعطاء الوصاية على الاولاد القصر واموالهم لذكور اخرين وليس لها وهي الام التي انجبتهم، وذكرت مثال منع سيدة تعمل محامية من الشهادة، ومنع النساء من شراء اسهم لأولادهن، وفي حال فتح حساب مستقل لأولادها في البنوك لا يحق لها التصرف فيه بينما يسمح للأب بذلك في تناقض يطرح العديد من التساؤلات.

كما أكد الدكتور سمير عبد الله، مدير البحوث في معهد ماس ضرورة وجود هذا التوازن الطبيعي بين الرجل والمرأة، الا أن الوضع الاقتصادي الراهن يدل على وجود تشوهات في السوق الفلسطيني والذي أدى الى انخفاض مشاركة المرأة في سوق العمل. حيث ان القطاع الحكومي متخم فعلا حيث يشغل ما نسبته 65% من العمال وهو قطاع مساند وصديق للمرأة فعليا. واشار الى أن القطاع الخاص يواجه العديد من التغييرات والاستثمار فيه بطيء جدا، حيث أن التوسع فيه لا يحصل كما يجب، وقد نجم هذا عن السياسات الاسرائيلية المتبعة منذ عام 2000 لتدمير القطاع الخاص والحد من تطوره، مما أثر سلبا على فرص النساء كغيرها من الشرائح.

وقد أشار إلى أن أهم الفرص المتاحة أمام النساء الآن هي فرص ريادية متوفرة لها كما هي متوفرة للذكور، وإن العمل على استغلال الرص الريادية له دور كبير في تحسين الاقتصاد وخلق فرص توظيف لنسبة كبيرة من العاطلين عن العمل. واعتبر الدكتور عبدالله الريادة كنقطة البداية للتغيير في واقع المرأة ومنحها الحق في حرية اختيار العمل وتغييره ووجود مرونة في عملها يمكنها من التوفيق بين واجباتها في المنزل وخارجه.

وفي نهاية الورشة، تم تقديم العديد من التوصيات والمقترحات من قبل الحضور، التي يجب العمل يها لتحقيق قدر أكبر من المساواة بين الرجل والمرأة من ضمنها: اعتبار هذه الورشة نواة لإطلاق مجموعة ضاغطة لبحث هذا الموضوع بشكل جدي وموسع بوجود جميع أصحاب الشأن والعلاقة، زيادة عضوية النساء في المجالس المشتركة بين القطاع الخاص والعام كهيئة رأس المال وسلطة النقد، وكذلك زيادة عضوية النساء في مجالس الشركات الكبرى والبنوك، وعمل حملة توعوية عن فصل الذمة المالية للنساء وفوائدها، والعمل على إعداد ملتقى إعلامي شهري لمناقشة المواضيع المتعلقة بالتمييز بين الجنسين من خلال وسائل الاعلام ومناقشة اخر التطورات والتحديات المستجدة بخصوص هذا الموضوع، ورصد المنتديات والدوائر المؤثرة في التطبيق العملي لهذه الحقوق، وتشجيع الأفكار الريادية خاصة لدى النساء ومشاريعهن النسوية المختلفة، وتوحيد جهود جميع المراكز والمؤسسات والملتقيات النسوية وغير النسوية.

وكذلك دمج القطاع غير الرسمي في الاحصائيات الدورية بما يتعلق بالمرأة، وإعداد مسوحات الريادة بشكل دوري ومنتظم، ووضع رؤية وطنية لحقوق المرأة الاقتصادية، وضرورة التركيز على قضية حق المرأة في الميراث وزيادة التوعية حول هذا الموضوع في مختلف مناطق المجتمع وفي مختلف البيئات المحيطة، والعمل على إدماج فكرة ضرورة استقلال المرأة وتمكينها اقتصاديا في المجتمع ضمن المناهج التعليمية ابتداءا من المراحل الابتدائية، والتركيز على تأهيل النساء لسوق العمل وخلق فرص عمل لهن، والعمل على تحديث النظام التعليمي والمناهج التربوية بما يحث على المساواة الحقوقية والاجتماعية بين الرجل والمرأة ويحد من الصورة النمطية التي تظهر بها المرة في المناهج التربوية كربة بيت او القيام بوظائف معينة كالخياطة والتعليم و السكرتارية، وإعادة تأهيل المرأة مهنيا بما يمكنها من الالتحاق بمجالات العمل المختلفة للحد من ظاهرة تقسيم العمل والأدوار بين المراة والرجل، ادماج الرجل في خطط تدريب النوع الاجتماعي والتوعية بالمشاركة المجتمعية والاقتصادية بين الرجل والمرأة وعدم الاكتفاء بتوعية النساء فقط، وكذلك تنقية المناهج من المفاهيم الذكورية الموجودة بها، وتعميم تجارب النساء صاحبات قصص النجاح المحفزة ومشاركة نشاطاتهن المختلفة، ووضع خطط استراتيجة مدروسة للعمل على هذا الموضوع وتشكيل جسم واحد لتعزيز مشاركة النساء الاقتصادية، وتفعيل اللجنة الوطنية لتشغيل النساء واعادة صياغة خطة العمل الخاصة بهذه اللجنة، و توحيد جهود المؤسسات العاملة في مجال المرأة والتمكين الاقتصادي لها خاصة من مؤسسات القطاع الخاص، وغيرها من التوصيات.

المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2016/04/13/901680.html#ixzz45jpibWKM