رام الله وبيت لحم - في ظل الظروف النفسية والاجتماعية الصعبة التي يواجهها المجتمع الفلسطيني اختتم مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي تدريبًا متخصصًا في الإسعاف النفسي الأولي والتدخل النفسي الاجتماعي أداره الخبير النفسي ناصر أبو مطر واستهدف مجموعات من المتطوعين والمتطوعات في محافظتي الخليل وقلقيلية يهدف التدريب إلى تمكين المشاركين من تقديم الدعم النفسي الاجتماعي الأولي للأفراد المتأثرين بالصدمات مع تركيز خاص على تعزيز مرونتهم النفسية في التعامل مع الأزمات.
استمر التدريب لمدة أربعة أيام وشارك فيه 33 متطوعًا ومتطوعة من المحافظتين حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين عملتا بشكل مكثف على مدى 24 ساعة تدريبية موزعة على جلسات تضمنت العديد من الأنشطة التفاعلية والنظرية مع تركيز خاص على التقنيات الحديثة في تقديم الإسعاف النفسي الأولي وتخفيف آثار الضغوط النفسية والاجتماعية التي تواجه المتدربين أنفسهم كأفراد في مجتمع يعاني من أزمات متكررة.
ركز التدريب على إعداد المتطوعين للتعامل مع الحالات النفسية الطارئة التي تتطلب تدخلاً سريعًا وقد جرى تصميم المحتوى التدريبي بشكل يجمع بين الأساليب النظرية والعملية خلال التدريب تعلم المشاركون المبادئ الأساسية للإسعاف النفسي الأولي مثل كيفية تقديم الراحة النفسية للأشخاص الذين يمرون بأزمات أو صدمات نفسية حادة بالإضافة إلى مهارات الإصغاء الفعّال وتقديم الإرشادات البسيطة التي تمكن الأشخاص من تجاوز اللحظات العصيبة.
إلى جانب ذلك تم تسليط الضوء على الرعاية الذاتية كعنصر أساسي لضمان استمرارية المتطوعين في أداء مهامهم بشكل فعال حيث تمت مناقشة استراتيجيات الحفاظ على الصحة النفسية الشخصية وتجنب الإرهاق النفسي الناتج عن التعامل مع حالات الطوارئ المستمرة كما تضمن التدريب تعليم تقنيات إدارة الضغوط النفسية بشكل فعال مما ساهم في تطوير مهارات المشاركين في التعامل مع الضغوط اليومية وتخفيف الصدمات النفسية التي قد يواجهونها في حياتهم الشخصية والمهنية.
اعتمد البرنامج التدريبي على مجموعة متنوعة من الأساليب التفاعلية التي تهدف إلى تعزيز الفهم العميق لمفاهيم الإسعاف النفسي الأولي ومنها: التعبير الفني حيث استخدمت تقنيات الرسم والملتينة كوسيلة لتعزيز تواصل المشاركين مع مشاعرهم وتفريغ الضغوط النفسية أتيحت الفرصة للمشاركين للتعبير عن أنفسهم من خلال رسم الأشياء التي تجسد مشاعرهم بشكل ثنائي الأبعاد بينما استُخدمت الملتينة لتشكيل تمثيلات ثلاثية الأبعاد تعبر عن تجاربهم الحياتية القصص الجماعية حيث شارك المتطوعون في أنشطة تفاعلية تضمنت تأليف قصص حول الصور التي أنشأوها مما أتاح لهم فهمًا أعمق للتعامل مع الصدمات النفسية من خلال القصص والخبرات المشتركة محاكاة الواقع حيث تم تدريب المتطوعين على التعامل مع حالات حقيقية من خلال تحليل دراسات حالة ومناقشتها بشكل جماعي مما عزز قدراتهم على تطبيق ما تعلموه في مواقف عملية.
عبر المشاركون في نهاية التدريب عن تقديرهم العميق لمركز المرأة على تنظيم هذا النوع من التدريبات وأكدوا أن التدريب لم يساعدهم فقط في اكتساب المهارات اللازمة للتدخل النفسي الأولي بل ساهم أيضًا في تطوير قدراتهم الشخصية في التعامل مع التحديات النفسية التي يواجهونها في حياتهم اليومية وطالب المشاركون المركز بمواصلة تنظيم مثل هذه الورشات التي تعزز من قدراتهم المجتمعية وتتيح لهم الفرصة للمساهمة بشكل فعّال في تقديم الدعم النفسي لأفراد المجتمع الذين يمرون بأزمات.
تأتي هذه الورشات في وقت حساس يواجه فيه المجتمع الفلسطيني تحديات نفسية متزايدة نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة ويعكس هذا التدريب التزام مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بتعزيز قدرة المجتمع على الصمود في وجه هذه التحديات من خلال بناء شبكة متطوعين مؤهلين لتقديم الدعم النفسي الأولي في حالات الطوارئ.
تمكين المتطوعين والمتطوعات من تقديم الإسعاف النفسي الأولي يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الصمود المجتمعي وتقوية نسيج الدعم الاجتماعي في المناطق المتأثرة يسعى مركز المرأة إلى الاستمرار في تقديم هذه البرامج وتوسيعها لتشمل المزيد من المحافظات والمجتمعات بما يساهم في بناء مجتمع فلسطيني قادر على التغلب على الصدمات والتحديات النفسية والاجتماعية المتزايدة.