في ندوة افتراضية نظمها المركز بمرور عام على الإبادة الجماعية، تحدثت النساء الفلسطينيات عن الإبادة والانتهاكات الممنهجة لحقوقهن، كاشفات عن روايات مثيرة للقلق حول الاغتصاب والانتهاكات المتعلقة بالصحة الإنجابية، ومنذ تصاعد الصراع في 7 أكتوبر، تصاعدت التقارير حول العنف الجنسي الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين/الفلسطينيات، وشارك في الندوة الافتراضية مجموعة من الناشطات والنسويات والباحثات ميدانيات والناجيات من الانتهاكات الإسرائيلية وصاحبات حق، كما تم تسليط الضوء على التهديدات المتزايدة والمستمرة التي تواجه النساء والأطفال، خاصةً في قطاع غزة والضفة الغربية.
افتتحت رندة سنيورة، المديرة العامة لمركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي، الندوة بدعوة إلى اتخاذ إجراءات مشددة على أهمية تسليط الضوء على هذه الانتهاكات لمحاسبة الجناة. وقالت سنيورة: "الإفلات من العقاب الذي تمنحه قوات الاحتلال الإسرائيلي مكّن هذه الجرائم الحربية من الاستمرار دون رادع. واجبنا هو الاستمرار في توثيق هذه الانتهاكات وتسليط الضوء عليها، وايصال أصوات الناجيات، مهما كانت الصعوبة في ذلك".
الانتهاكات الموثقة
قدمت كفاية خريم، منسقة المناصرة الدولية في مركز المرأة نتائج تقرير يسلط الضوء على العنف الجنسي الممنهج وانتهاكات حقوق الصحة الإنجابية التي تواجهها النساء الفلسطينيات. وأوضحت كفاية أن هذه الانتهاكات ليست ممارسات عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية مُتعمَّدة للسيطرة وترويع الشعب الفلسطيني. وأضافت: "لقد وثّقنا عدداً لا يُحصى من الحالات التي تعرضت فيها النساء للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية "كما أشارت إلى أن "اللغة التي يستخدمها جنود قوات الاحتلال لتهديد النساء بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، تكشف فهمهم العميق للثقافة الفلسطينية، حيث يُعتبر العنف الجنسي ضد النساء من المحظورات. لذلك فهم يستغلون هذا الفهم، لذلك فهم مدركين ان النساء اقل احتمالاً للإبلاغ عن هذه الانتهاكات المتعلقة في العنف والاعتداء الجنسي خوفاً من الانتقام والعار ولوم الضحية كونها تعتبر وصمة مجتمعية."
كما أضافت: "أبلغت النساء من القدس وقطاع غزة والضفة الغربية عن تعرضهن لأساليب مماثلة من التعذيب الجنسي على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، رغم احتجازهن في سجون مختلفة في مواقع متفرقة ومن قبل ألوية متعددة، ومن الأمثلة على ذلك تعرضهن للضرب على أعضائهن التناسلية. يشير هذا التكرار في استخدام هذه الأساليب الى وجود أساليب ممنهجة متبعة واسعة النطاق باستخدام العنف الجنسي كوسيلة للتعذيب ضد المعتقلات والمعتقلين الفلسطينيين".
التحديات والصعوبات في التوثيق
شاركت ندوة برغوثي، الباحثة الميدانية في مركز المرأة، تجاربها في توثيق هذه الانتهاكات، موضحة التحديات والصعوبات التي تواجه العمل في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية مع الناجيات اللواتي يعانين من صدمات شديدة ووصم اجتماعي. وقالت برغوثي: "العديد من النساء يخشين التقدم للإبلاغ فيما يخص الانتهاكات الخاصة بالعنف الجنسي". وأضافت: "الوصمة المجتمعية والخوف من الانتقام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تجعل من الصعب للغاية توثيق هذه الحالات، لكن يجب أن نواصل العمل لضمان عدم الإفصاح عن هذه القصص".
افادة شخصية عن الاعتقال
سردت فادية البرغوثي، صاحبة حق تم اعتقالها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تجربتها المروعة، موضحة الانتهاكات الجسدية والجنسية والنفسية التي تعرضت لها أثناء اعتقالها. ووصفت الظروف الوحشية التي واجهتها هي ونساء فلسطينيات أخريات المتواجدات في مراكز الاعتقال الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب، التفتيش العاري، الحرمان من الطعام والماء، والمراقبة المستمرة عبر الكاميرات.
السياق العالمي الأوسع
ربطت ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات، بشكل واضح بين تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم والقضية العالمية الأوسع للعنف القائم على النوع الاجتماعي. وأشارت إلى أن هذا التجريد من الإنسانية يبرر استهداف الرضع والنساء الحوامل. وقالت السالم: "إن تجريد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، من إنسانيتهم يضفي الشرعية على قتل الرضع والنساء الحوامل، حيث يتم اعتبارهم أقل من البشر". كما أوضحت تقارير مفصلة عن الجفاف وسوء التغذية المتعمدين اللذين تعرض لهما مئات النساء الفلسطينيات الحوامل والمرضعات.
"بينما تعرضت النساء الفلسطينيات للانتهاك والإذلال والتحقير بسبب سياسات الفصل العنصري والإبادة الجماعية الإسرائيلية، فإن هذه الحرب هي الأُولى التي نشهد فيها هذا التجريد المروع من الإنسانية تجاه النساء والأطفال. يُنظر إلى الأطفال على أنهم ليسوا أبرياء، وهذا يرتبط بشكل وثيق بالعنف الإنجابي، حيث يُضفي الشرعية على تدمير شروط الحياة للنساء الحوامل وقتل الرضع، لأنهم يُعتبرون أقل من البشر. لكن في حال نضوجهم سيتم اعتبارهم إرهابيين في نظر الإسرائيليين."
سلّطت الندوة الضوء على كيفية استخدام العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب بشكل منهجي من قبل القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيات والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. وأكدت أن هذا العنف لا يميز بين الجنسين، حيث يؤثر على النساء والرجال والأطفال على حد سواء، ويكون متفشيًا في جميع المناطق الجغرافية. التأثيرات على النساء تكون شديدة بشكل خاص، بما في ذلك تقييد الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، والقيود على الحركة بسبب مخاوف الأسرة على سلامتها، وتقليل فرص كسب العيش. علاوة على ذلك، أدت الصدمة المستمرة إلى زيادة في العنف الأسري، مما يزيد من التحديات التي تواجه النساء الفلسطينيات.