بمناسبة اليوم العالمي للمساواة في الأجور فإننا في مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي نجدد سعينا من أجل تحقيق كامل المساواة للنساء الفلسطينيات في كل مجالات الحياة، وخاصة في مجال الحقوق والامتيازات العمالية والنقابية للنساء العاملات، وخاصة حقهنّ في المساواة التامة في الأجور مع زملائهن العاملين.
إننا نود في هذه المناسبة إلى التذكير في الفجوات التي لا تزال قائمة بين الذكور والإناث العاملين والعاملات، يقابل ذلك زيادة في المسئوليات الملقاة على عاتق النساء في رعاية الأسر وإعالتهن، حيث ارتفعت نسبة الأسر التي تعيلها نساء من 8.8% عام 2007 إلى 11.7% في عام 2022[1]. نسبة كبيرة من النساء المنخرطات في سوق العمل الفلسطيني يتقاضين اجورا تقل عن الحد الأدنى للأجور، حيث ان 40% من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر والبالغ (1,880 شيقلاً)، 38% من الرجال، مقابل 50% للنساء[2].
ان هذا الامر يؤشر على ان واقع التمييز القائم ضد النساء في سوق العمل الفلسطيني يزيد ويفاقم من الصعوبات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها النساء، فمن ناحية فان مشاركة النساء في سوق العمل الفلسطيني لا تزال منخفضة، اذ تشير معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن العام 2022 الى انه لا تزال هناك فجوة كبيرة في نسبة المشاركة في القوة العاملة بين الذكور والاناث، حيث تبلغ نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة للعام 2022 حوالي 19% من مجمل النساء في سن العمل، بينما كانت نسبة مشاركة الرجال في نفس العام 69%. وبلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة حوالي 40% مقابل 20% بين الرجال للعام 2022.
ليس هذا فحسب، بل ان هناك العديد من المعطيات التي تشير الى ان التمييز لا يزال يمتد الى الكثير من جوانب حياة النساء عامة والنساء العاملات خاصة، بسبب استمرار علاقات القوة والهيمنة والسيطرة التاريخية والهيكلية غير المتكافئة بين النساء والرجال، وهو ما يقود الى انتشار الفقر وعدم المساواة وحرمان النساء من الوصول إلى الموارد والفرص وهو ما يحد من قدراتهن على المنافسة ويعيق جهود تضييق الفجوات. كما تساهم علاقات القوة في ادامة أنماط التفكير التقليدية التي تحرم النساء من عوائد الكثير من مجالات العمل التي تندرج غالبا تحت عنوان العمل غير المنظم. كما تحظى النساء باجور اقل من أجور زملائهن الذكور عن نفس العمل. ورغم زيادة اقبال النساء على الالتحاق بالتعليم الجامعي مثلا الا ان ذلك لم ينعكس بصورة موازية على تحسين حظوظهن في إيجاد فرص عمل، فبينما بلغت نسبة الطالبات الملتحقات في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 62% من مجموع الطلبة الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي للعام الدراسي 2021/2022، 63% من خريجي مؤسسات التعليم العالي في فلسطين هم من الاناث[3]، الا ان معدل البطالة يبلغ 48% بين الشباب في سن (19-29 سنة) من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى، بواقع 61% للإناث مقابل 34% للذكور[4].
على ضوء الأوضاع الأمنية المتفاقمة منذ ما يزيد عن عامين سواء من خلال سياسات جيش الاحتلال او مستوطنيه كالاجتياحات واغلاق الطرق والحواجز واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين ومصادرة المزيد من الأراضي أدت الى تفاقم الأوضاع السابقة سوءا تاركة بصمات سلبية أكثر على مشاركة النساء في سوق العمل. اما بعد السابع من أكتوبر عام 2023 وحرب الإبادة التي تنفذها دولة الاحتلال ضد قطاع غزة بشكل خاص وما ترتب عليها من تدمير شامل وتهجير وقتل وجرح لمئات ألف الفلسطينيين، وكذلك توسيع سياسة العزل والحواجز في الضفة الغربية وحرمان ما يزيد عن 200 ألف عامل من فرص العمل إضافة الى التراجع الاقتصادي الذي انعكس أيضا على فرص العمل في السوق الفلسطيني. كل ذلك أدى الى زيادة وانحدار أكثر في وضع النساء في سوق العمل في الجوانب كافة سواء الأجور او فرص العمل او ظروف وشرط العمل الأخرى وغيرها.
ان اليوم الدولي للمساواة في الأجور، الذي يحل في الثامن عشر من أيلول إنما هو مناسبة لإعادة التأكيد على مواصلة الجهد من اجل تحقيق حق النساء في الاجر المتساوي كجزء من منظومة الحقوق التي تضمن المساواة التامة للنساء في مجالات الحياة كافة كأحد اهم تعبيرات حقوق الانسان كما نصت عليها المواثيق والعهود الدولية المختلفة
اننا في مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي نؤكد اننا سنواصل مسيرة النضال لتحقيق المساواة للنساء، وخاصة للنساء العاملات في الحقوق المختلفة ومنها حقهن في الأجور المتساوية، وسوف نواصل جهودنا بالشراكة مع كل المؤسسات والهيئات المعنية لتحقيق هذه الأهداف.
نعم لتحقيق المساواة للنساء العاملات في كل مجالات العمل
نعم للأجر المتساوي بين النساء والرجال
[1] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023، المرأة والرجل في فلسطين-قضايا واحصاءات،2023، رام الله، فلسطين.
[2] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بيان بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي 2022. الرابط:
[3] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023، المرأة والرجل في فلسطين-قضايا واحصاءات،2023، رام الله، فلسطين.
[4] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي للسكان، 2023 الرابط
https://pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=4545