في سياق خطة عمل الوحدة عقدت وحدة المناصرة في مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي اجتماعا سنويا على مدار يومين في الثالث عشر والرابع عشر من شهر آب الحالي. وهدف الاجتماع الىفي متابعة خطة عمل الوحدة خلال العام الحالي 2024 وخاصة في برنامجي رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال لحقوق النساء الفلسطينيات ورصد وتوثيق قتل النساء. وشارك في الاجتماع إضافة الى رئيسة الوحدة وموظفي الوحدة في البرامج والمشاريع المختلفة والباحثات الميدانيات في برنامجي الرصد والتوثيق (رصد وتوثيق حالات قتل النساء) و(توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي) في ظل غياب الباحثات من قطاع غزة بسبب حرب الإبادة المتواصلة ضد القطاع خاصة.
تضمنت محاور الاجتماع عدة عناوين رئيسية تنسجم مع خطط الوحدة وبرامجها المختلفة وتمحورت حول: استعراض واقع عمل وحدة المناصرة وخاصة في الفترة الحالية في مجال المناصرة الدولية والمحلية، وخاصة برنامجي رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال ورصد وتوثيق قتل النساء، عرض ومناقشة دليل رصد وتوثيق جرائم قتل النساء في المجتمع الفلسطيني، وكذلك مناقشة واقع العمل في ظل الظروف القائمة، التحديات والمعيقات والفرص المتوفرة، إضافة الى الخطط لتطوير أساليب العمل وتطوير مهارات الباحثات الميدانيات في كلا البرنامجين، وتضمن أيضا الاجتماع برنامج دعم وتفريغ نفسي وسلسلة من الأنشطة الهادفة الى تمكين الباحثات من مواجهة والتغلب على ضغوطات وصعوبات العمل باشراف مدرب التوجيه والإرشاد النفسي الأستاذ ناصر مطر.
في الجلسة الأولى استعرضت مرام زعترة رئيسة الوحدة برنامجي توثيق انتهاكات الاحتلال وبرنامج توثيق قتل النساء مشيرة الى ان الهدف من البرنامجين هو رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال لحقوق النساء الفلسطينيات، وذلك بهدف تنظيم حملات المناصرة الدولية لدى المنظمات والدولية والدول والحكومات المختلفة بهدف فضح هذه الانتهاكات والضغط على سلطات الاحتلال لوقفها. حيث تشارك الوحدة في اجتماعات المتابعة للجان الهيئات المختلفة في الأمم المتحدة (التعاقدية وغير التعاقدية) كاللجنة المكلفة بمتابعة العنف ضد المرأة، ولجان حقوق الانسان وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية. كما يقوم المركز من خلال برنامج رصد وتوثيق قتل النساء برصد وتوثيق وتحليل قتل النساء في المجتمع الفلسطيني، ويشمل ذلك رصد حالات القتل وتوثيقها ومن ثم اصدار الدراسات والتقارير التحليلية التي تسلط الضوء على الظاهرة وتقدم النتائج التي يتم الخروج بها ومن ثم تقديم المقترحات والتوصيات لصناع القرار في مختلف مراكز صنع القرار بهدف القضاء على ظاهرة قتل النساء. كما تقوم الوحدة بتنظيم واجراء البحوث والدراسات المختلفة التي تسلط مزيد من الأضواء على جوانب التمييز المختلفة القائمة ضد النساء في المجتمع الفلسطيني في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية وغيرها من مجالات الحياة بهدف تقديم مقترحات وتوصيات تساهم في معالجة جوانب التمييز وانتهاك حقوق النساء المختلفة كالحق في المساواة في العمل، حق الوصول الى العدالة، محاربة التحرش الجنسي ضد النساء وتزويج الطفلات وغيرها من قضايا العنف والتمييز وانتهاك حقوق النساء. ويقوم المركز من خلال وحدة المناصرة بتقديم سلسلة من التقارير التي تستند الى ما يتم رصده وتوثيقه من انتهاكات الى هذه المنظمات، كما يشارك في اعداد تقارير الظل للعديد من المنظمات كاللجنة المكلفة بمتابعة تطبيق اتفاقية محاربة كافة اشكال العنف ضد المرأة (سيداو) وغيرها من اللجان، بهدف وضع اليد على ابرز الثغرات وأماكن التقصير في دور الحكومة ومؤسساتها المختلفة في محاربة العنف ضد النساء، ودور وحدة المناصرة في رصد وتوثيق الانتهاكات من خلال البرنامجين، وحملات المناصرة المحلية والدولية.
في الجلسة الثانية جرت مناقشة عامة لبرنامج توثيق انتهاكات حقوق النساء وكيفية الوصول الى النساء المنتهكة حقوقهن، واليات الرصد والتوثيق واعداد التقارير المختلفة، إضافة الى المشاركة في أنشطة وفعاليات واجتماعات العديد من المنظمات الدولية المكلفة بمحاربة العنف والتمييز ضد النساء. حيث تحدثت كفاية خريم مسئولة برنامج توثيق انتهاكات الاحتلال ضد النساء الدور الميداني الذي تقوم به الباحثات في رصد وتوثيق الانتهاكات سواء من جنود الاحتلال او مستوطنيه كهدم المنازل والتهجير والاعتقال وقتل النساء والاعتداء على الأراضي والممتلكات وغيرها من الانتهاكات. وهنا تم التركيز على حرب الابادة في قطاع غزة حيث تحول كل سكان القطاع البالغ عدددهم ما يقارب (2.2) مليون نسمة الى نازحين بعد ان دمرت منازلهم وممتلكات والمدراس والمستشفيات ودور العبادة وكل مظاهر الحياة في القطاع وتحول معظم سكانه الى العيش بدون ادنى متطلبات الحياة كالمياه والطعام والدواء والكهرباء وغيرها، واستشهد ما يزيد عن 40 الف مواطن فيما لا يزال اكثر من عشرة الاف في عداد المفقودين بينما جرح ما يقارب من مائة الف اخرين، فيا شكلت النساء والأطفال ما نسبته 70% من اعداد الشهداء والجرحة والمفقودين. وفي الضفة الغربية أيضا سلسلة اقتحامات المدن والقرى والمخيمات وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والبنى التحتية، خاصة في المخيمات، إضافة الى سياسة القتل والاعتقال التي ينفذها جيش الاحتلال وكذلك الحال في اعتداءات المستوطنين وهجماتهم الوحشية والتي انعكست بدورها على أسس حياة النساء الفلسطينيات اللواتي وقع على كاهلهن العبىء الأكبر من تبعات هذه السياسة.
اشارت خريم الى ان برنامج التوثيق يقوم على رصد وجمع وتوثيق إفادات لنساء وفتيات تعرضن بصورة مباشرة او غير مباسرة لهذه الاعتداءات التي تضمنت في الكثير من الأحيان سلسلة من الانتهاكات لمختلف الحقوق، واصدر المركز سلسلة من التقارير وشارك في العديد من اللقاءات والاجتماعات والفعاليات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لفضح هذه الانتهاكات ومطالبة المنظمات الأممية لممارسة مهامها واخذ دورها في التصدي لهذه الانتهاكات والعمل على وقفها، وخاصة حرب الإبادة الجارية حتى الان في قطاع غزة.
تلا ذلك عرض ومناقشة دليل رصد وتوثيق قتل النساء الذي اعدته وحدة المناصرة واصدرته الأسبوع الماضي، حيث أشار نبيل دويكات معد الدليل الى ان الهدف من الدليل هو على المستوى الوطني العام مأسسة عملية رصد وتوثيق قتل النساء في اطار السعي من اجل التوافق على منهج وطني للرصد والتوثيق والتحليل، حيث يتضمن المنهج أولا التوافق على تعريفات للمفاهيم المستخدمة في مجال رصد قتل النساء ومن ثم تحديد الآليات وطرق العمل والأدوات المستخدمة، وكيفية توثيق المعلومات وتصنيفها ومن ثم ترميزها وتحليلها واصدار التقارير التحليلية التي تساهم في تنظيم حملات المناصرة المختلفة بهدف تعديل الأنظمة والتشريعات التي ساهمت في استمرار وجود الظاهرة، وكذلك الحال بالنسبة للعمل على تنظيم برامج تساهم في تغيير الأنماط الثقافية التقليدية السائدة تجاه المرأة وقضاياها في المجتمع عبر العديد من البرامج كبرنامج المتطوعين/ات وبرنامج اللجان المساندة اللذان يهدفان الى التأثير إيجابا في اتجهات قطاعات اجتماعية مختلفة وتنظيم صفوفها في مجموعات وتطوير قدراتها ومهاراتها تحفيزها على القيام بأنشطة وفعاليات مجتمعية مختلفة في مجتمعاتها بهدف التأثير إيجابا في المجتمع تجاه المرأة وتغيير الأفكار النمطية التقليدية السائدة تجاه قضايا المرأة.
في الجلسة الأخيرة من اليوم الأول جرى نقاش التحديات والصعوبات في البرنامجين وما تواجهه الباحثات فيهما، فمن ناحية ضعف تعاون المؤسسات والهيئات الرسمية في توفير المعلومات اللازمة فيما يتعلق ببرنامج رصد وتوثيق قتل النساء، وصعوبات أخرى في تعاون المجتمع المحلي في الغالب، وصل في بعض الاحيات حد المضايقات والتهديد للباحثات، إضافة الى الأنماط الثقافية السائدة التي لا تزال تعتبر ان قتل النساء هو قضية فردية وخاصة لا يجوز طرحها في الاطار العام ومناقشتها وبالتالي فرض الكثير من التعتيم على قضايا القتل والمعلومات حولها. ورغم جهد الباحثات في الرصد والتوثيق الا انه لا يندر ان يتم اكتشاف بعض حالات القتل بعد فترة طويلة من حدوثها، أحيانا عدة سنوات، وبالصدفة يتم ذلك. وهذا يعيق عمل الباحثات في الرصد والتوثيق. كما ان هناك صعوبة في التوافق الوطني العام على منهج محدد للرصد والتوثيق، حيث تختلف المفاهيم من مؤسسة الى أخرى، وكذلك الحال بالنسبة للاساليب والوسائل المتبعة في الرصد والتوثيق والتحليل. ورغم ذلك فقد استطاع المركز عبر هذا البرنامج من تكريس نفسه كمؤسسة فلسطينية تنفرد بقدرتها على الرصد والتوثيق والتحليل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتقديم المقترحات والتوصيات الى صناع القرار لاتخاذ ما يلزم لمحاربة الظاهرة، واستطاع المركز خلال السنوات الماضية بالشراكة مع العديد من المؤسسات والائتلافات المحلية من احداث التأثير اللازم واجراء العديد من التعديلات ففي الأنظمة والإجراءات ذات العلاقة بمحاربة الظاهرة كالتعديلات في قانون العقوبات الساري في الأراضي الفلسطينية خلال السنوات الماضية (تعديل المواد 340، 98، 99 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960).
لا زال المركز يعمل في هذا المجال من اجل الوصول الى انجاز منهج وطني للرصد والتوثيق والتحلي، ويشمل ذلك توحيد المفاهيم والمصطلحات المستخدمة وكذلك الحال بناء الخطط والاليات والادوات المستخدمة، وطرق التحليل ووضع المقترحات والتوصيات.
في مجال رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه فان اهم التحديات التي تواجه الباحثات هي القدرة على التوثيق، خاصة في ظل حرب الإبادة في قطاع غزة حيث حالة النزوح الدائم، إضافة الى صعوبات الحياة والحصول على ادنى متطلباتها كالغذاء والماء والدواء والعناية بالاسرة وعدم توفر إمكانيات التنقل والاتصال في معظم مناطق قطاع غزة
رغم كل المعيقات والتحديات الى ان الباحثات في كلا البرنامجين عملت على التغلب على بعضها باصرار كبير وقمن برصد وتوثيق الانتهاكات المختلفة، وهو ما مكن المركز من مواصلة التوثيق والتحليل وحملات المناصرة المختلفة المحلية والدولية للتصدي لكل اشكال الانتهاكات سواء المجتمعية الداخلية او تلك المرتبطة بالاحتلال ومستوطنيه.
في اليوم الثاني نفذ المدرب أ. ناصر مطر وهو خبير ومشرف للتوجيه والإرشاد، قام بأعداد برنامج دعم وتفريغ نفسي للباحثات الميدانيات وفريق وحدة المناصرة من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات كالإجابة على مجموعة من الأسئلة يمكن من خلالها قياس مدى التوتر أو الضغط الذي يعاني منه الشخص وما هي الأعراض والعلامات التي تظهر عليه، بهدف تمكين الباحثات وكل العاملين من التغلب على الصعوبات ومعيقات العمل.