24 تشرين أول 2023
نحن المنظمات والشبكات العاملة على تطبيق القرار الأممي 1325 وأجندة المرأة والسلام والأمن، ندعو الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، الذين سيجتمعون هذا الأسبوع لمناقشة أجندة المرأة والسلام والأمن، لاتخاذ إجراء فوري لوقف العدوان على قطاع غزة. الذي تسبب بضحايا وخسائر من المدنيين خاصة النساء والأطفال. وتقديم الحماية اللازمة للمدنيين في قطاع غزة. كما ندعو مجلس الأمن لوقف عرقلة تمرير مشاريع القرارات لوقف إطلاق النار الإنساني، وتبني قرار فوري يضمن توافر ممرات آمنة لتقديم المساعدات الإنسانية اللائقة من الماء والدواء والوقود لقطاع غزة. إن على مجلس الأمن الالتزام بمسؤوليته القانونية والأخلاقية لحفظ السلام والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة، فهذه هي المسؤولية والأولوية الرئيسية له. وإن لم يكن الآن فمتى؟
خلال أكثر من أسبوعين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، استخدمت دولة الاحتلال قوة عشوائية ومفرطة ضد القطاع المحاصر والمكتظ بالكثافة السكانية. وقد نتج عن ذلك مقتل أكثر من 5930 شخصًا حتى الساعة الثالثة مساءً من الرابع والعشـرين من أكتوبر، خمسة وستون بالمئة من الضحايا من النساء والأطفال، إضافة لأكثر من 16000 شخص من المصابين أو المفقودين تحت الركام.
إن ما يحدث هو جريمة إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، يأتي هذا التأكيد في ضوء أن أكثر من 47 عائلة في غزة قد تم شطبها بالكامل من السجل المدني، فلا يمكن قصف المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس وتبريره على أنه دفاع عن النفس. في العاشر من أكتوبر أعلن جيش الاحتلال أنه يركز في عملياته العسكرية على "التدمير وليس على الدقة" (الناطق باسم الجيش)، معلناً تجاهله التام لقواعد الحرب ومبادئ ومعايير القانون الدولي الإنساني التي تؤكد على ضرورة عدم استهداف المدنيين والأعيان المدنية.
إن الإغلاق التام والحصار العسكري المطبق على قطاع غزة من خلال قطع إمدادات الطعام والماء والكهرباء وتجويع ما يزيد عن مليونين ومئتي ألف نسمة هو انتهاك خطير لمعاهدة جنيف الرابعة ويمثل جريمة حرب. لقد أعلن وزير الجيش الإسرائيلي يؤاف جالانت في التاسع من أكتوبر عن أمره بإطباق الحصار الكامل على قطاع غزة وقد أعلن "أن إسرائيل تقاتل حيوانات بشـرية وستتصـرف وفقا لذلك"، ما يعني تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية للبقاء. وبعد ثلاثة أيام، أفاد معظم سكان قطاع غزة أنه لم يعد بإمكانهم الحصول على مياه شرب. وقد قامت قوات الاحتلال بقصف ست آبار للمياه وثلاث محطات ضخ للمياه. وخزان مياه ومحطة تحلية تخدم مليونًا ومئة ألف مواطن، ما اضطرهم للجوء لمصادر مياه غير آمنة ما يعرض حياتهم للخطر ويزيد من تعرضهم للعدوى وانتشار الأمراض.
نودّ بهذا الصدد أن نلفت انتباهكم إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2417 الذي يدين بشدة انتهاكات القانون الدولي الإنساني، مثل استخدام تجويع المدنيين كأداة للحرب، ونشدد أن هذه التصرفات قد تشكل جريمة حرب، إضافة للحرمان غير القانوني من المساعدات الإنسانية ما يؤدي إلى حرمان المدنيين من الحاجيات الأساسية للنجاة.
علاوة على ذلك مارس الاحتلال العقاب الجماعي والترحيل القسـري، فقد أمر جيش الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني بالرحيل والإخلاء القسـري من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر طرق محددة على اعتبار أنها "آمنة". وقد تم استهداف هذه الطرق بالقصف وفقا لباحثتنا الميدانية، ما أدى لخسارة مأساوية لأكثر من سبعين شخصا من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. هذا الإخلاء قاد إلى تجميع كثيف للفلسطينيين في الجنوب من قطاع غزة، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا مع كل قصف يقوم به الاحتلال وذلك بسبب تجمع عدد كبير من العائلات، في الوقت الذي استمر فيه القصف الإسرائيلي لكافة أجزاء قطاع غزة ولم يترك العدوان مكانا آمنا للمدنيين الفلسطينيين.
لا يمكن للنساء والفتيات الحصول على الخدمات الصحية، حيث قدرت منظمة الأمم المتحدة للسكان بأن هناك ما يزيد عن خمسين ألف امرأة حامل في قطاع غزة، ومن المتوقع أن تضع 5500 سيدة حامل مولودها خلال الشهر القادم، بمعدل 160 ولادة جديدة يوميا. هؤلاء النساء لا يفتقدن الأمن والخدمات الصحية الإنجابية والإمدادات الطبية فقط، لكنهن أيضا مثل مختلف المدنيين في قطاع غزة يعانين من أجل الحصول على ملجأ آمن من القصف والحصول على الماء والطعام وأدنى متطلبات الحياة.
من جهة ثانية أدانت منظمة الصحة العالمية بوصفها وكالة تابعة للأمم المتحدة، توجيهات دولة الاحتلال المتكررة لإخلاء 22 مستشفى في شمال غزة، حيث يتم تقديم العلاج لأكثر من ألفي مريض. هذا الإخلاء القسـري للمرضى ومقدمي الخدمات الصحية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية ويهدد حياة المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة. كما أن المستشفيات والمرافق الصحية في شمال غزة تجاوزت طاقتها الاستيعابية نتيجة التدفق المستمر للمصابين، حيث يتلقى بعض المصابين العلاج في الممرات وفي مساحات مكشوفة قرب المستشفيات نتيجة لنقص الأسرة.
إن مؤسساتنا مصدومة للغاية من تصـريحات المسؤولين الإسرائيليين لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، حيث تتطلب هذه التصـريحات تدخلاً فوريًا وعاجلاً لمنع ارتكاب المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في قطاع غزة. ونود التأكيد بأن إجراءات الاحتلال مثل قطع الماء والطعام والكهرباء والإنترنت في غزة وتكرار قصف معبر رفح، كلها تشير إلى أن دولة الاحتلال تقوم بإجراءات تتماشى مع تصـريحات الإبادة التي أطلقها مسؤولوها. ناهيك عن التصعيد المستمر لعنف الدولة وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، حيث تم قتل 95 فلسطينيا على يد جيش الاحتلال والمستوطنين منذ السابع من أكتوبر. وقامت قوات الاحتلال بتوسيع اقتحام المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية واعتقلت المئات بشكل غير قانوني. إضافة إلى أن التواطؤ بين الشـرطة والجيش الإسرائيلي مع المستوطنين للاعتداء على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف أنحاء الضفة الغربية واضح ومدعوم ببيانات مبنية على أدلة.
نطالب نحن الموقعين أدناه الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالالتزام بتحمل مسؤوليتهم القانونية لحماية السكان المدنيين في قطاع غزة. واتخاذ إجراءات فورية لوقف إراقة الدماء والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والعقاب الجماعي تجاه السكان المدنيين في قطاع غزة خاصة النساء والأطفال. واتخاذ إجراءات لتعزيز تنفيذ القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2417 وتعزيز المساءلة.
أخيرًا، ندعو الدول الأعضاء في مجلس الأمن لترجمة قراراتهم إلى إجراءات فعلية لحماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في قطاع غزة. لا يمكننا تحمل المزيد من المعايير المزدوجة التي نراها من المجتمع الدولي وعدم تطبيق القانون الدولي. جميع الدول الأعضاء مسؤولة عن الاستهداف التعسفي ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وفقا للمادة المشتركة (1) من اتفاقيات جنيف الأربعة التي تحتم على الدول الأطراف "احترام وضمان احترام" الاتفاقيات، ومساءلة وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وفق المادتين (146) و(147) من اتفاقية جنيف الرابعة وضرورة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحروب وتحت الاحتلال.