التاريخ: 1/5/2020
تحل علينا ذكرى الأول من أيار في ظل ظروف استثنائية يعيشها مجتمعنا الفلسطيني، وبخاصه طبقته العمالية. فعدا عن الإستغلال الذي يتعرض له عمالنا على يد أصحاب العمل والمتمثل في تدني أجور العمل وغياب الكثير من الحقوق والمكتسبات النقابية، إلى سياسة الإستغلال المزدوج الذي يعانيه تحديدا عمالنا العاملون داخل الخط الأخضر على يد الاحتلال، جاءت جائحة كورونا هذا العام لتضيف مزيدا من التعقيد على وضع العمال الفلسطينيين، حيث ارتفعت معدلات البطالة بصورة كبيرة خلال فترة الطوارئ في الشهرين الأخيرين، وفقد الكثير من العاملات والعمال أماكن عملهم، فيما انقض أصحاب العمل على العديد من المكتسبات العمالية والنقابية التي حققها العمال والعاملات على امتداد عقود نضالهم.
وسط هذا المشهد التراجيدي تبرز صورة النساء العاملات، وهي صورة أشد قسوة ،حيث تتضاعف كل النسب عند الحديث عن النساء العاملات، فنسبة البطالة بين صفوف النساء الفلسطينيات تزيد عن ثلاثة اضعاف نسبتها عند الذكور، وتتدنى نسب انخراط النساء في سوق العمل إلى اقل من 19% من القوى العاملة، وتقل أجور النساء العاملات في نفس المهن عن أجور الذكور بنسبة تزيد عن 30%، كما وتحرم النساء في معظم أماكن العمل من الكثير من الحقوق والامتيازات العمالية كحقوق التأمين والضمان الاجتماعي والإجازات المختلفة، إضافة إلى أن ساعات عمل النساء في بعض المهن أطول من ساعات عمل الذكور. وما زالت الكثير من النساء عرضة لمختلف أشكال العنف والاعتداءات، بما فيها الاعتداءات والتحرشات الجنسية في أماكن العمل.
وتأتي جائحة كورونا لتعمق معاناة النساء الفلسطينيات في سوق العمل، إذ تشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن جائحة كوفيد-19 قد ضربت القطاع الخاص الذي يضم 66% من القوى العاملة في فلسطين في العمق. وبالنظر إلى نسبة مشاركة النساء في عمالة القطاع الخاص نجد أن هذا القطاع يضم 83,600 عاملة في الضفة الغربية و25,300 عاملة في قطاع غزة، يتوزعن على قطاعات عدة. وتشير ذات الإحصائيات إلى أن 35% من العاملات في القطاع الخاص يتقاضين أجورا أقل من الحد الأدنى المقر في فلسطين وهو 1450 شيكلا في الظروف الاعتيادية. وتشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى نسب الفقر تعلو بشكل مطرد بين الأسر التي يعتمد دخلها على القطاع الخاص، الأمر الذي يمكن القول معه بأن التراجع الاقتصادي المنبثق عن الإجراءات الاحترازية لوقف انتشار كوفيد-19 يهدد مصادر دخل شريحة واسعة من النساء العاملات في القطاع الخاص. وتزداد الصورة قتامة إذا ما نظرنا إلى انعكاسات الجائحة الاقتصاديةالكارثية على القطاع الخاص غير المنظم الذي يضم حوالي 32,200 عاملة موزعات على قطاعات التعليم والزراعة والمطاعم كلهن مهددات بفقد مصادر دخلهن في ظل استمرار الجائحة.
تبدو هذه الإحصائيات المشار إليها أعلاه مدعاة للقلق بالنظر أن هناك 584.92 إمرأة تعيل أسرا منهن 61241 في الضفة الغربية و 32343 في قطاع غزة، أي أن عدد الأسر التي ترأسها نساء في فلسطين يبلغ (10.0% من اجمالي الأسر في فلسطين)، ثلثي هذه الأسر في الضفة الغربية بواقع 10.3% من اجمالي الأسر في الضفة الغربية، و 9.4% من اجمالي الأسر في قطاع غزة. وفي ذات السياق، تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة الفقر بين الأسر التي ترأسها نساء تبلغ 19% في الضفة الغربية و 54% في قطاع غزة، من ثم فإن التبعات الاقتصادية للجائحة وآثارها البينة على مشاركة النساء في سوق العمل قد تؤدي إلى تفاقم عجز هؤلاء النساء على إعالة أسرهن، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد معدلات البطالة والفقر بين صفوف النساء والعائلات التي يرأسنها.
وعليه، إذا كان الأول من أيار مناسبة لاستذكار معاناة العمال والاستغلال الذي يتعرضون له، فإنه مناسبة للتذكير أيضا بتلك المعاناة المضاعفة التي تعانيها النساء العاملات. ومن هذا المنطلق يؤكد مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي على ضرورة أن تُراعي الإجراءات الاحترازية المتخذة للحد من انتشار كوفيد-19 هشاشة وضع النساء في سوق العمل، بحيث لا تؤدي هذه الإجراءات إلى تعميق التمييز ضد النساء المنتميات إلى القوى العاملة الفلسطينية. كما يؤكد مركز المرأة على ضرورة إدماج النساء بشكل حثيث في سوق العمل خلال الأزمة الحالية نظرا لقدرتهن على دفع عجلة الاقتصاد والنهوض بالاقتصاد المحلي، وأن تشمل كل الخطط المتخذة من الحكومة الفلسطينية لمواجهة للتبعات الاقتصادية قريبة المدى وبعيدة المدى المترتبة على جائحة كورنا الاستجابة لأولويات واحتياجات النساء في سوق العمل الفلسطيني، ووضعها على سلم الأولويات من قبل الحكومة. ويدعو مركز المرأة أيضا إلى تسوية أوضاع النساء العاملات في القطاع الخاص غير المنظم اللواتي يرزحن تحت وطأة الاستغلال والفقر المدقع منذ عقود.
معا من أجل وقف الاضطهاد والاستغلال المزدوج للنساء
كل التحية للعمال في عيدهم
كل التحية للنساء العاملات في عيدهن
فلتكن ذكرى الأول من أيار مناسبة للوقوف معا ضد الظلم والقهر والاستغلال الذي تتعرض له النساء العاملات في مختلف القطاعات.
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي