رجال دين وحقوقيون يؤكدون على اهمية التصدي لظاهرة قتل النساء

24 مارس 2010

تحت رعاية وزارة شؤون المرأة نظم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مؤتمراً حول الجرائم المرتكبة على خلفية الشرف تحت عنوان: "أين الشرف في الجرائم المرتكبة على خلفية الشرف".

وقامت ايفا تومتش- مديرة مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية بافتتاح المؤتمر الذي عقد في قاعة جمعية الهلال الاحمر في البيرة. ورحبت بالحضور، وقدمت الشكر لكل المؤسسات التي ساهمت في تنظيم المؤتمر. واكدت على ان ظاهرة قتل النساء هي ظاهرة عالمية وليست محلية فقط. ورأت ان هناك حاجة لتوحيد الجهود للتوعية بخطورة هذه الظاهرة، واهمية العمل على انهاءها.

ثم قدمت معالي السيدة ربيحة ذياب- وزيرة شؤون المرأة لالقاء كلمة افتتاح المؤتمر. واشارت ذياب في كلمتها الى اهتمام الوزارة بالعمل مع كل الجهات الرسمية والاهلية، المحلية والاقليمية والدولية من اجل التصدي لهذه الظاهرة ووضع حد لها. واشارت الى ان ظاهرة قتل النساء كانت موجودة على الدوام، الا انه عنف الاحتلال لم يكن يعطي الفرصة لنا للتركيز على هذه الظاهرة، بل كان يتم حلها من خلال التدخلات العشائرية. لكن الآن ونحن نحث الخطى من اجل تجسيد بناء الدولة الفلسطينية، عبر بناء مؤسسات وأسس هذه الدولة فان هناك حاجة للاهتمام بذلك، وخاصة انه يظهر ان هناك مؤشرات على تزايد العنف وحالات قتل النساء في الآونة الاخيرة. واكدت ذياب على ان المؤشرات تدل على ان اسباب قتل النساء تعود لعدة اسباب ومبررات مختلفة كالخلافات على قضايا الميراث او غيرها من القضايا، لكن يجري عادة ادراج هذه الجرائم تحت مسمى القتل على خلفية الشرف.

واشارت ذياب الى ان وزارة شؤون المرأة ناقشت هذا الموضوع على عدة مستويات، ومع عدة جهات تشريعية وتنفيذية وغيرها، وقدمت مذكرة لمجلس الوزراء حول الموضوع. وقام مجلس الوزراء باخذ قرار بالاجماع بالتنسيب الى الرئيس الفلسطيني بالغاء المادتين اللتين تعطيان العذر المحل للقتل. وتم رفع القرار للرئيس للمصادقة عليه واصداره كقانون بقرار.

الباحث ياسر علاونة: الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان قدم عرض موجز لحالات القتل التي رصدتها الهيئة، واشار الى انه في عام 2005 رصدت الهيئة مقتل 10 نساء، وفي عام 2006 رصدت 14 عملية، وفي عام 2007 (18) حالة قتل، اما في العام 2009 فقد رصدت 9 حالات قتل. واستخدمت وسائل عديدة للقتل كالخنق، الطعن، التسميم واطلاق النار وغيرها من الاساليب. ورأى ان هناك مؤشرات عديدة على ازدياد تعرض النساء للقتل او التهديد بالقتل.

مها ابو دية- مديرة مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي رأت ان ظاهرة قتل النساء هي ظاهرة عالمية واقليمية وليست محلية فقط. ورأت ان الخلاف يدور حول تعريف مفهوم شرف الاسرة عندما يتعلق الامر بقتل النساء. في الواقع الفلسطيني وبسبب غياب سلطة ذات سيادة فعلية ومتكاملة، تتعدد مسؤوليات الحماية، بين مؤسسات المجتمع الرسمية والاهلية، والمؤسسات الدولية وايضا اسرائيل، لان القانون الدولي واضح في اننا لا زلنا تحت الاحتلال. ولذلك فان توفير الحماية، للمجتمع الفلسطيني باكمله، ومن ضمنه النساء الفلسطينيات، هو مسؤولية مشتركة. واشارت الى ان هناك دور كبير للحركة النسوية الفلسطينية كونها تعبر عن وجهة نظر ومواقف النساء، حيث يكمن التحدي الذي تواجهه الحركة النسوية في ايصال صوت النساء الفلسطينيات الى المؤسسات المحلية والدولية التي تهتم بحقوق الانسان، والسلم الاجتماعي، وحثها على الوقوف بحزم امام عمليات قتل النساء.

الشيخ ابرهيم خليل عوض: وكيل مساعد في دار الافتاء الفلسطينية ومفتي رام الله والبيرة اكد سروره للمشاركة في هذا المؤتمر ونقاش هذا الموضوع الحساس. ان ما تعاني من المرأة انما هو يخص المجتمع بكامله. اكد على ان هناك حاجة للتمييز بين المبادىئ والقيم التي جاء بها الاسلام وبين التطبيق الخاطىء لها في بعض الاحيان. واشار الى ان الاسلام حرم التعدي على حياة اي انسان، رجل كان او امرأة. هذا يفرض على كل من يعتنق الدين احترام هذا المبدأ. ولا يسمح الاسلام بالاستغلال البشع لمبادئه من خلال استخدام مفهوم الشرف. واكد ان للاسلام مبادىئ واسس محددة للتعامل مع هذا الموضوع.

ولخص عوض موقف الدين الاسلامي بانه يرفض التعدي على حياة الرجال والنساء، ويرفض القتل بدافع الشبهات، ويرفض كذلك المعاقبة على الجناية حتى تثبت. كما ويؤكد على ان اثبات الجناية لا يحوز الا من قبل جهة قضائية، كما يرفض الدين اخذ القانون باليد، ويحث على التحلي بالقيم والاخلاق. ودعا الجميع الى التحلي بالتقوى في القضايا التي تتعلق بحياة افراد المجتمع.

سيادة المطران عطا الله حنا- رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في القدس

شكر المنظمين للمؤتمر، ونقل للحضور تحية الكنائس المسحية بالقدس، ونقل تحية كل مدينة القدس بكل مواطنيها. هناك وصية تقول لا تقتل، صحيح ان الوصية اعطيت لسيدنا موسى الا ان مصدرها الله، وهذا كلام خالد. هذه الوصية لا تستثني احدا، وهذا يعني انه لا يحوز القتل تحت اي ذريعة او وصف او مبرر. ورأى انه في الدين المسيحي فان الله هو مانح الحياة للانسان، وهو فقط صاحب السلطان بأخذها. ولذلك فان قتل الانسان، ووضع حد لحياته انما هو اعتداء على الله تعالى. وفي الوقت الذي نطالب فيه بوقف العنف ضد المرأة فاننا نطالب الجميع بالتحلي بالفضيلة والاخلاق الحميدة. كما نطالب المرأة بان تقف امام محاولات استغلالها كسلعة يجري استخدامها في وسائل الاعلام والدعاية وغيرها.

كيرت جورنغ، مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في غزة. اكد على اهمية العمل لتوعية المجتمع المحلي حول هذه الظاهرة، وتضافر الجهود للتصدي لها.

وتحدثت عبر تظام الفيديو- كونفرنس نيرمين السراج من مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في غزة. واشارت الى انه من المهم الاتفاق على مفهوم الشرف، لان ما يجري حتى الآن هو ربط مفهوم الشرف بالمرأة فقط. ورأت ان هناك اسباب كثيرة وعديدة لقتل النساء، كالميراث وغيره. ولكن يتم استسهال الاعلان على ان الجريمة تمت على خلفية الشرف، لان القانون في هذه الحالة يعطي القاتل فرصة للاستفادة من عذر محل يمنحه عقوبة مخففة. ورأت انه اذا كانت كل الاديان السماوية تحرم القتل، ومنها قتل النساء، فان هناك حاجة لفحص الاسباب التي تؤدي الى عمليات قتل النساء تحت مختلف التسميات.

في الجلسة الثانية التي ترأستها السيدة جين كوف- مديرة مكتب اليونيسيف تحدثت كل من:

السيدة سلوى هديب- وكيل وزارة شؤون المرأة التي رأت ان اصعب ما تواجهه المرأة هو العنف ضدها. واشارت الى ان هناك عدد من المواثيق والاتفاقيات التي تنص على المساواة، وكذلك القانون الاساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال. واشارت الى حالات القتل للنساء مبينة ان اصغر الحالات التي قتلت عمرها 3 شهور، واكبرهن 75 عام. كما تحدثت هديب عن دور ومهام اللجنة الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة. واشارت الى ان وزارة شؤون المرأة تؤكد على التوصيات المتعلقة بتطبيق المساواة بين الرجال والنساء التي نصت عليها القوانين المختلفة، وكذلك العمل على توفير الحماية للنساء المتعرضات للعنف. وتوعية المجتمع المحلي حول خطورة ظاهرة العنف.

السيد عامر شاهين- مدير مكتب التشريعات في مكتب الرئيس الفلسطيني اشار الى ان الرئيس الفلسطيني صادق على اتفاقية سيداو، وكذلك الوثيقة الحقوقية للمرأة. وتحدث عن المادة (340) من قانون العقوبات الاردني لسنة 1976، وهو القانون الساري في الاراضي الفلسطينية. وهي المادة التي تقدم العذر المخفف لعميات قتل النساء.

السيدة لونا سعادة- مستشارة مناهضة العنف ضد المرأة في مؤسسة اليونيفم تحدثت عن تقرير تم اعداده حول الجرائم المرتكبة على خلفية ما يسمى بالشرف، والاحصاءات التي تضمنها التقرير. واشارت الى ان التقرير تم انجازه بالتعاون مع (33) مؤسسة في الضفة والقطاع تتعامل مع النساء المتعرضات للعنف. وتحدثت عن ابرز الامور والقضايا التي

السيدة حنان ابو غوش من مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي تحدثت عن اهمية تبني قيم واخلاقيات تقوم على احترام الانسان، والمساواة بين الرجال والنساء. ورأت ان المهمة المركزية تقوم على توفير الحماية للنساء المهددات بالقتل، من خلال تضافر الجهود بين المؤسسات المختلفة. واشارت الى ان هناك حاجة كبيرة لتحويل الحركة حماية النساء من العنف الى حركة واسعة وقادرة على احداث التغيير المطلوب لتوفير الحماية.

وركزت الجلسة الثالثة على دور وسائل الاعلام في رفع مستوى الوعي حول موضوع العنف ضد المرأة. حيث تحدثت السيدة باولا هانكوك مراسلة (CNN) حول العنف ضد النساء في المناطق الفلسطينية المحتلة مشيرة الى ان دور وسائل الاعلام في هذا المجال يقوم على شرح معاناة وتجارب النساء المتعرضات للعنف. كما ان من المهم لوسائل الاعلام لعب دور يقوم على التوعية بخطورة العنف للتصدي له قبل حدوثة. واشارت الى ان وسائل الاعلام تواجه صعوبات في تغطية هذه الظاهرة بسبب محاولات التعتيم التي تحاط بها.

كما تحدث منسق لجنة الرصد في المنتدى الاعلامي لنصرة قضايا المرأة، الصحافي منتصر حمدان حول دور وسائل الاعلام المحلية، مؤكدا وجود اخفاق ملحوظ في تغطية الصحف الفلسطينية الرئيسية في تغطية جرائم قتل النساء خاصة على خلفية ما يسمى القتل على "خلفية الشرف"، مستندا في ذلك على تقرير رصد جرائم قتل النساء الذي نفذته لجنة الرصد في المنتدى بدعم من مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي. حيث اشارت النتائج الى حالة ضعف مهني في تغطية جرائم قتل النساء اضافة الى خرق القانون الاساسي وقانون المطبوعات والنشر اللذان يضمنان حق الظهور العادل للمرأة في وسائل الاعلام المحلية.