تقرير- نبيل دويكات
عقدت الورشة في مقر مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي وبحضور عدد من الاعلاميين من الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب. تناول المحور الاول من الورشة عرض ملخص قدمه المحامي اشرف ابو حية- رئيس وحدة التوثيق والمناصرة في المركز حول ابرز التطورات الحاصلة في الوضع القانوني لمجموعة من القضايا المرتبطة بالمرأة. فيما يتعلق بقانون العقوبات استعرض ابو حية مسيرة تعديل قانون العقوبات المطبق حاليا، واعداد مشروع قانون عقوبات فلسطيني مشيرا الى ان القانون سيكون في حال اقراره حالة متقدمة على مستوى العالم العربي وفق شهادات خبراء عرب ساهموا في مناقشته واعداده. وفيما يتعلق بموضوع مرسوم الرئيس بتجميد العمل في بعض المواد المطبقة والتي يعتقد انها مرتبطة بموضوع القتل على خلفية ما يسمى الشرف، اشار ابو حية الى انه رغم الترحيب بالمرسوم فان الاعتقاد والتحليل القانوني من وجهة نظر النوع الاجتماعي يشير الى ان المرسوم غير كاف، حيث ان المطلوب تعديل او الغاء مواد أخرى لم يشملها المرسوم الرئاسي والتي تشكل اساسا لعمليات القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة، والتي طالما انتقدتها المؤسسات النسوية والحقوقية وطالبت بالغائها لانها تشكل بمثابة غطاء قانوني هو العذر العذر المخفف لعمليات قتل النساء تحت ذريعة ما يسمى الشرف. كما عرض المحامي ابو حية ايضا التطورات الحاصلة في قانون الاحوال الشخصية مؤكدا على اهمية زياة التأثير من اجل اقرار قانون احوال شخصية فلسطيني موحد للاحوال الشخصية يكون اكثر عدالة وانصافاً للنساء. وعرض كذلك لتطورات موضوع تشريع قانون حماية الاسرة من العنف ونظام التحويل الخدماتي للنساء المعنفات داعيا الاعلام الى تسليط مزيد من الضوء على هذه الجوانب وإبراز معاناة النساء في المجالات المختلفة الناتجة عن الخلل القائم حاليا في غياب انظمة وقوانين او في ظل انظمة وقوانين غير ملائمة ولا تتناسب والواقع المعاصر لمجتمعنا وحاجاته ومتطلباته المختلفة، واهمية توفير الحد الادنى من العدالة والمساواة وحماية حقوق وحريات الفئات والشرائح المختلفة فيه وخاصة النساء والاطفال.
تناول المحور الثاني من الورشة موضوع التغطية الاعلامية لقضايا المرأة. حيث عرضت ريما نزال مجموعة من الملاحظات النقدية حول طبيعة التغطية الاعلامية لقضايا المرأة في الاعلام سواء المكتوب ام المرئي ام المسموع. واشارت نزال الى ان الاطار العام لهذه التغطية يغلب عليها طابع الموسمية، وهي مجتزأة ولا تتضمن رؤية او خطابا ذا نسق او نمط معين من الانحياز لصالح قضايا المرأة، واكدت نزال ان الخطاب الاعلامي يساهم في خلق حالة من الفصل بين قضايا المرأة وقضايا المجتمع عموما بصورة تكاد توحي بأن المرأة هي جزء منفصل عن المجتمع وقضاياه. واعتبرت ان الخطاب يتمسك ويدافع عن الحداثة في عدد من القضايا الشكلية فقط، ولا يتناول بالعمق القضايا الجوهرية والاساسية المرتبطة بمفهوم الحداثة والتنمية والتطور وخاصة شقها المرتبط بطبيعة العلاقات والبنى الاجتماعية القائمة. وانتقدت نزال الخطاب الاعلامي تجاه قضايا المرأة معتبرة انه في معظم حالاته خطاب غير متماسك او منظم، ويتصف بالاستفزاز احيانا والمهادنة في احيان اخرى. بعضه تقليدي والاخر متنور ومتقدم، ودعت الى التحلي بمزيد من الشجاعة والجرأة في طرح وتناول االقضايا وعرضها امام المواطنين مع اهمية الاخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع الفلسطيني وحساسيته تجاه قضايا المرأة. ودعت نزال الى الاستفادة مما يحدث في البيئة المحيطة في هذا المجال حيث تسود اجواء من الحديث عن الحقوق والمساواة والكرامة في اطار حرية الرأي والتعبير، وهو ما من شأنه ان يسهم في تعزيز دور الاعلام تجاه قضايا المرأة من خلال التركيز على خطاب المواطنة.
ربى مهداوي اشارت الى انه رغم وجود تقدم في تناول الاعلام لقضايا المرأة الا انه يتضمن بعض السلبيات وخاصة حين تلجأ بعض وسائل الاعلام الى حصر قضايا المرأة في زوايا وابواب وصفحات خاصة بها، مؤكدة ان التقدم الحاصل حتى الآن في تعاطي الاعلام مع قضايا المرأة لا زال محدودا وهو بحاجة الى مزيد من الجهد والعمل لتطويره. امتياز المغربي اشارت الى ان المشكلة ليست مع الاعلاميين وانما مع ادارات ومراكز صنع القرار في المؤسسات الاعلامية، حيث يتطلب الامر اتخاذ قرارات تتعلق بتغيير بعض سياسات المؤسسات الاعلامية وتوجهاتها ومجالات تركيز عملها، وانتقدت المغربي عدم حضور رؤساء التحرير للاجتماعات والورش التي تعقد لهذا الغرض. ومن ناحية ثانية دعت المغربي المؤسسات والهيئات النسوية الى توزيع نشاطاتها طوال فترات العام وعدم تركيزها في فترة زمنية محددة، والى استهداف القاعدة النسوية العريضة واشراكها في النشاطات الاعلامية والجماهيرية المختلفة وعدم الاكتفاء بتكرار مشاركة شخصيات محددة فقط. ودعت المغربي كل الجهات المعنية الى البحث عن سبل توفير الحماية للاعلاميين العاملين في هذه القضايا لانها تشكل في عدد من الحيان جوانب خطر تتهددهم .
ميسون عوده اكدت على اهمية العمل بصورة دائمة على مستويات اتخاذ القرار في المؤسسات الاعلامية لان هذا الامر يساهم في اخراج قضايا المرأة من زوايا وصفحات خاصة بها الى الحيز الاجتماعي العام. وتحدثت عن تجربتها كمديرة لاحدى الاذاعات المتخصصة بقضايا المرأة مشيرة الى انها تعتمد سياسة تقوم على اشراك النساء في كل برامج الاذاعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، حيث يجري اشراك المرأة كخبيرة اقتصادية وساسية ومالية وغيرها من المجالات مما يشير الى تجارب نسوية ناجحة. ودعت عوده الى توفير مزيد من الدعم والتشجيع للمؤسسات الاعلامية في تبني نهج داعم لقضايا المرأة.
منتصر حمدان اكد من ناحيته على ضرورة الاهتمام بما تم بناؤه حتى الآن في الاهتمام بقضايا المرأة والمراكمة على هذه التجربة الحديثة نسبيا وتعميمها وتوسيعها. جمان قنيص اشارت الى الصعوبة التي ترافق العمل الاعلامي في القضايا الاجتماعية وخاصة قضايا المرأة التي تقع في الغالب ضمن اطار المحظورات الاجتماعية التي يتجنب المجتمع الخوض فيها علنا ونقاشها، واشارت الى ان هناك حاجة للجرأة والشجاعة من قبل الاعلاميين في الوصول الى مختلف المناطق والحالات وعرض ونقاش الكثير من القضايا المرتبطة بالمرأة وبمنهج متكامل ومنظم يقوم على اشراك المجتمع بكل فئاته وتجمعاته في النقاش والطرح . ورأت قنيص ان هناك حاجة لكي يتابع الاعلام بصورة متواصلة ما يثيره من قضايا وعدم الاكتفاء بطرح مشكلات وفتح عناوين ومواضيع للنقاش، وانما مواصلة ومتابعة تطورات ما يحصل فيما يتم عرضه. واكدت قنيص اهمية الحاجة الى جهد جماعي منظم في رصد وتحليل صورة المرأة في الاعلام، ونقاش نتائج هذا الرصد والتحليل مع الاعلاميين انفسهم، والاستماع منهم الى وجهات نظرهم حول ما يعرض في الاعلام.
نبيل دويكات اشار في نهاية الورشة الى الحاجة الى مزيد من المناقشات مع الاعلاميين حول قضايا المرأة عموما وكيفية تناولها في الاعلام، متمنيا ان تكون هذه الورشة بداية الطريق لنقاش جماعي واسع ومعمق مع الاعلاميين يقود الى بناء سياسة ومنهج عمل منظم في تعامل الاعلام مع قضايا المرأة.