المتحدثون يؤكدون على اهمية وجود قانون احوال شخصية اكثر عدالة ومساواة للنساء

  • الرئيسية
  • الأخبار
12 ديسمبر 2012

خلال مؤتمر مركزي للجان الداعمة لقانون الاحوال الشخصية
المتحدثون يؤكدون على اهمية وجود قانون احوال شخصية اكثر عدالة ومساواة للنساء

تقرير- نبيل دويكات

اجمع المتحدثون خلال المؤتمر الذي نظمه مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي على اهمية تشريع قانون احوال شخصية فلسطيني يواكب تطورات العصر ويكون اكثر عدالة ومساواة للنساء الفلسطينيات، ويساهم في القضاء على ظاهرة العنف وانتهاك حقوق النساء في العديد من المجالات وتوفير الاستقرار للأسرة الفلسطينية وينهي حالة تعدد القوانين والتشريعات في مجال الاحوال الشخصية والسارية المفعول حتى الآن في الاراضي الفلسطينية.

وتحدث في المؤتمر الذي عقد اليوم في فندق البست ايسترن في مدينة البيرة المحامي حسن العوري- مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون القانونية، والشيخ يوسف ادعيس رئيس مجلس القضاء الشرعي ومها ابو ديه المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي. كما شارك في المؤتمر اكثر من مائة شخصية نسوية من الناشطات النسويات في اللجان الداعمة لقانون الاحوال الشخصية الفلسطيني التي تعمل منذ ما يقارب العامين باتجاه تفعيل الحراك المجتمعي الداعي الى اصلاح المنظومة التشريعية لصالح اقرار قوانين وتشريعات جديدة وتعديل القائمة بصورة تحقق المساواة للنساء الفلسطينيات وتنصف حقوقهن في مختلف المجالات.

في الجلسة الافتتاحية رحبت مها ابو ديه مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بالحضور والمشاركات في هذا المؤتمر، وكذلك المتحدثين في جلسات المؤتمر، واعتبرت ابو ديه ان عقد هذا المؤتمر يأتي كمحصلة لسنوات عديدة من العمل المتواصل من قبل المؤسسات النسوية والحقوقية وكافة المؤسسات والجهات التي تساندها من اجل اصلاح المنظومة القانونية في فلسطين مشيرة الى ان محور هذا الجهد يتركز على قانون الاحوال الشخصية بسبب غياب وجود قانون فلسطيني موحد للأحوال الشخصية، والقوانين السارية المفعول حاليا هي مجموعة من القوانين والتشريعات المختلفة والمتباينة والمتوارثة من عدة دول وأنظمة حكمت فلسطين على امتداد عدة عقود من الزمن. وأكدت ابو ديه ان الكثير من نصوص القوانين السارية حاليا اصبحت بالية ولا تتناسب مع تطورات وروح العصر، كما انها لا تتناسب مع العديد من العهود والمواثيق الدولية التي تتعلق بحقوق الانسان عامة، وحقوق النساء خاصة. وشددت ابو ديه على ان المؤسسات النسوية والحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة عانت على امتداد سنوات طويلة من العديد من المعيقات التي تعيق عملها وجهدها الهادف الى القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، وتحقيق المساواة للنساء ووقف انتهاك حقوقهن في عدد من المجالات مشيرة الى ان ابرز المعيقات تمثلت في القوانين والتشريعات مشددة على ان ذلك ما دفع مركز المرأة وغيره من المؤسسات النسوية والحقوقية الى العمل من اجل اصلاح منظومة القوانين باتجاه توفير المساواة والعدالة للنساء الفلسطينيات، وتحسين قدرة المؤسسات على توفير الأمان والحماية للمعنفات والمنتهكة حقوقهن.

المحامي حسن العوري- مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون القانونية شكر مركز المرأة على دعوته للمشاركة في افتتاح هذا المؤتمر، ونقل للمشاركين تحيات الرئيس الفلسطيني للمشاركات على جهدهن وتمنياته بالنجاح والتوفيق لهن في فعاليات المؤتمر الذي يرتبط موضوعه بالأركان الرئيسية في بناء دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وأشار العوري الى ان السلطة الفلسطينية دأبت ومنذ نشوئها على ترسيخ مبدأ المساواة والعدالة واحترام سيادة القانون، مستنيرة بالمبادئ والاتفاقيات والمواثيق الدولية في هذا المجال، ومستلهمة اسسه من تضحيات ونضال شعبنا المقاوم برجاله ونسائه لترجمة تشوقه للانعتاق من الاحتلال وبناء دولته على اسس من الحرية والمساواة والتقدم والعدل الاجتماعي. وأشار العوري الى سعي الرئيس الفلسطيني وحرصه الدائم على انصاف المرأة في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية من خلال سعيه الحثيث للانضمام للاتفاقيات والمواثيق الدولية واستجابته لمطالبات المرأة الفلسطينية على المستوى الرسمي والشعبي، والمصادقة على اتفاقية "سيداو"، وإجراء تعديلات على بعض القوانين السارية كالتعديلات على التشريعات الجزائية السارية في فلسطين وخاصة تلك المتعلقة بمعاقبة الجناة في الجرائم المرتكبة على خلفية "الشرف".

ورأى العوري ان عقد هذا المؤتمر الهام يشكل لبنة هامة وشراكة حقيقية للجهود التي تبذلها دولة فلسطين في اطار العمل على ترسيخ حقوق المرأة في التشريعات الفلسطينية وتوحيدها، ويساهم في تعزيز مكانة واستقلالية وهيبة سيادة القانون وصون الحريات. وأكد العوري على السعي من اجل تشكيل فريق وطني يضم كافة الهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية من اجل اعداد مشروع قانون فلسطيني موحد للأحوال الشخصية والأسرة يلبي حاجات المجتمع الفلسطيني ويراعي تطوره على كافة الاصعدة وقائم على مبدأ الشراكة.

الشيخ يوسف ادعيس رئيس مجلس القضاء الشرعي اعتبر ان قانون الاحوال الشخصية هو من اهم القوانين التي تعني المجتمع الفلسطيني لأنه يتضمن الكثير من المواد التي ترتبط بقضايا الاسرة الفلسطينية. وأكد ادعيس على ان القضاء الشرعي يواجه صعوبات ومعيقات تتعلق بتعدد القوانين والأنظمة والتشريعات السارية في هذا مجال الاحوال الشخصية. ودعى ادعيس الى تضافر وتوحيد الجهود وتعاونها مع المكتب الفني الذي يعمل على تطوير قانون الاحوال الشخصية.

تحدث في الجلسة الثانية التي كانت تحت عنوان دور الكتل النيابية والأحزاب السياسية ومسؤولياتها تجاه قانون الاحوال الشخصية كل من النائب د. نجاة الاسطل- عضو المجلس التشريعي وزهير كمال- امين عام حزب فدا. النائب الاسطل اشارت في كلمتها الى ان هناك اتفاق بين الكتل النيابية على مناقشة كافة التشريعات قبل عرضها على الرئيس الفلسطيني لإقرارها وإصدارها. وأكدت الاسطل على ان تعذر انعقاد جلسات المجلس التشريعي لا يعني توقف عمل النواب في مختلف القضايا التي تهم المجتمع الفلسطيني، وان نواب المجلس وكتله النيابية يمارسون دورا فاعلا في التواصل مع هيئات المجتمع المختلفة والتعبير عن حاجاتها المختلفة، وأبدت الاسطل استعدادها المستمر للتواصل مع المؤسسات النسوية والحقوقية للعمل بصورة مشتركة على قانون الاحوال الشخصية.

واستعرضت زهيرة كمال خلال كلمتها بدايات العمل النسوي في موضوع قانون الاحوال الشخصية خلال سنوات الثمانيات من القرن الماضي مشيرة الى انها مع مجموعة من المناضلات في المجال الوطني والسياسي والاجتماعي بادرن الى اثارة موضوع معاناة وتجارب النساء الفلسطينيات ومعاناتهن في موضوع الاحوال الشخصية خلال الانتفاضة الاولى. وشددت كمال على انه رغم المعارضة والمعيقات التي وقفت في وجههن إلا ان تصميم وإرادة القيادات النسوية مكنتهن من مواصلة الجهد والعمل في موضوع كان يعتبر من الممنوعات ذلك لأنه لم يكن بمقدور احد الوقوف صامتا امام وجود مثل هذه القضايا والمشكلات التي كان من الممكن ان تهدد استقرار المجتمع والأسرة باعتبارها مكون رئيسي له في حال استمرار تجاهل وجودها وتطلب الموضوع العمل على المستوى الوطني ومع جميع القوى والأحزاب السياسية على مستويين: الاول هو رؤية واقع التمييز ضد المرأة، والثاني هو وضع رؤية لكيفية التغيير للوصول الى آليات تمكن من العمل في هذا المجال، حيث كان تأسيس مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي وعدد من المؤسسات النسوية بهدف تكيف الجهد المبذول على القضايا الاجتماعية للنساء في موازاة العمل الوطني والنضالي الذي يخوضه الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره وبناء دولته. وتطرقت كمال الى صعوبات اخرى ومعيقات مختلفة واجهتها النساء الفلسطينيات بعد انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عبر رفض بعض التيارات والتوجهات المجتمعية لرفض ومقاومة اجراء أي تغيير في الواقع القائم، وتجلى ذلك خلال تجربة البرلمان الصوري الذي حاولت النساء من خلاله تجسيد سعيهن الى اصلاح المنظومة التشريعية في فلسطين باتجاه اقرار قوانين وتشريعات تحقق المساواة والعدالة للنساء الفلسطينيات اللواتي لم يبخلن بالمشاركة في النضال الوطني الفلسطيني في مختلف مراحل تطوره.

وعبرت كمال عن اعتزازها بكونها امين عام لحزب فدا، مشيرة الى ان ذلك يعكس حجم الادراك وارتفاع مستوى الوعي لأهمية مساواة المرأة في مختلف المجالات وعملها جنبا الى جنب مع الرجل. وقالت كمال ان حزب فدا عمل بصورة مشتركة مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والأحزاب والقوى السياسية المختلفة من اجل تبني موقف موحد في موضوع حقوق المرأة ومساواتها بالرجل والعمل على قانون موحد للأحوال الشخصية وحماية الاسرة من العنف، حيث تبنى الامناء العامين للأحزاب السياسية الوثيقة المرتبطة بذلك في اطارها العام. وأنهت كمال حديثها بالتأكيد على اهمية الاستمرار العمل على عدة مستويات تتمثل في جابها الاول على استكمال انجاز كافة النصوص والتعديلات المطلوب ادراجها في قانون الاحوال الشخصية بموازاة العمل على توعية المجتمع عامة برجاله ونسائه الى اهمية ترسيخ مبدأ المساواة والعدالة بين الرجال والنساء، وكذلك العمل على رفع وعي القيادات المجتمعية على اختلافها بأهمية التغيير في الواقع القائم.

في الجلسة الثالثة تحدث القاضي الشرعي صالح ابو زيد من المكتب الفني في مجلس القضاء الشرعي، والأستاذ جمال ابو فخر رئيس دائرة التنفيذ في دائرة سلفيت والمحامية هنادي حميدات من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي عن الصعوبات والمعيقات التي تواجه القضاء الشرعي في هذا المجال. وأشار القاضي ابو زيد الى ان القضاء الشرعي يواجه عدة تحديات ابرزها تعدد القوانين والتشريعات ونقص الكادر البشري المتخصص والمدرب اضافة الى نقص في المعدات والأجهزة والمقرات. اما ابو فخر فتحدث عن الصعوبات التي تواجهها دوائر التنفيذ في انجاز وتنفيذ القرارات القضائية مشيرا الى ان البطء في تنفيذ القرارات يعود الى نقص الكادر المكلف بالتنفيذ، وكذلك احيانا ضعف التنسيق الفعال بين الجهات المختصة. اما المحامية حميدات فتحدثت عن الصعوبات التي تواجهها كمحامية تعمل في تمثيل النساء امام الجهات المختصة وتقديم الاسناد والدعم القانوني لهن، وسردت حميدات بالكثير من التفصيل معاناة النساء بسبب التمييز ضدهن في كل التفاصيل المتعلقة بالأنظمة والإجراءات القضائية، كما تطرقت الى تنازع القوانين المختلفة في مجال الاحوال الشخصية، وهو ما ينعكس سلبا بالدرجة الاولى على واقع النساء الفلسطينيات وأسرهن، وخاصة الاطفال منهم. ودعت حميدات القضاة وكافة العاملين قي القضاء الى بذل مزيد من الجهد في تفهم قضايا ومعاناة النساء والوقوف الى جانب انصافهن وتحقيق العدالة والمساواة لهن.

في الجلسة الرابعة دار نقاش مفتوح بين الحضور والأستاذ جمال قاش من مكتب المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني حول بناء تصور للفريق الوطني لإعداد قانون الاحوال الشخصية. وفي نهاية كل من الجلسات جرى فتح نقاش للأسئلة والمداخلات بين المتحدثين والحضور. كما جرى في نهاية المؤتمر اجمال التوصيات وهي التأكيد على اهمية وضرورة بناء فريق وطني موسع يمثل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بقانون الاحوال الشخصية، ينبثق عنه فريق مصغر يقوم بعملية استكمال صياغة البنود المختلفة لمشروع القانون، ومتابعة كل الامور المرتبطة بموضوع مساواة المرأة في القوانين المختلفة، ودعت التوصيات الى اشراك العديد من الفئات في عملية التوعية المجتمعية، وخاصة خطباء وأئمة المساجد وحثهم على لعب دور تنويري بحقوق المرأة. اما بخصوص الشباب فقد ركزت التوصيات على اهمية تكثيف حملات التوعية بينهم، وتفعيل دورهم في العمل المجتمعي التطوعي باتجاه قضايا المرأة. كما دعت الى التركيز على الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام وأكدت التوصيات على ضرورة لعب الاعلام لدور متقدم في هذا المجال ودعت الاعلاميين ووسائل الاعلام الى تنظيم الانشطة الاعلامية والتركيز على القاءات والتواصل المفتوح مع المواطنين حول حقوق المرأة ومساواتها. ودعت التوصيات الى وضع تصور لانعكاسات حصول فلسطين على دولة في الامم المتحدة والتأكيد على ان الدولة هي دولة لكل مواطنيها على قدم المساواة. كما دعت التوصيات الى تطوير دور دوائر الارشاد والإصلاح الاسري في المحاكم الشرعية وتعزيز كادرها وتطوير التخصصية في عمله. وأشارت احدى التوصيات الى انه لا بد خلال مراحل صياغة قانون فلسطيني موحد للأحوال الشخصية من اخذ السياق الفلسطيني وخصوصياته بالاعتبار.