راوية من غزة: إطلاق النار على النساء عند مراكز المساعدات الأنسانية

11 ديسمبر 2025

راوية (أم العابد)، سيدة في أواخر الخمسينات من عمرها، نازحة وأم لثلاثة أولاد وثلاث فتيات، ربة منزل تقيم مع عائلتها في شارع صلاح الدين. قام جنود الاحتلال باطلاق النار عليها بشكل عشوائي أثناء محاولتها الدخول "الحلبات"  من اجل الحصول على المساعدات الغذائية من "مؤسسة غزة الإنسانية" في منطقة نيتساريم.

فقدت راوية ابنها في المنطقة ذاتها، حين كان يحاول الحصول على كيس طحين واحد فقط أثناء توزيع المساعدات الإنسانية — استُشهد وهو يبحث عن الخبز.
تقول: "منذ استشهاده، أصبحت حياتي كلها محاولة للبقاء. أنا الآن التي تُخاطر بحياتها في كل مرة لأجل لقمة العيش."

مرات عديدة حاولت راوية الوصول إلى أماكن توزيع المساعدات، وغالبًا ما كانت تعود خالية اليدين. وفي إحدى المرات، تمكنت من الحصول على كيس من الطعام، لتكتشف أنه مملوء بالبرغل الممزوج بالحطبغير صالح للأكل تمامًا.

في 24 حزيران/يونيو 2025، أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن موعد جديد لتوزيع المساعدات. بدأ الناس بالتجمع منذ الساعة الثانية فجرًا، على أمل أن يكونوا الأوائل في الطابور، لكنهم لم يلقوا طعامًا بل النار والرصاص، وسقط عدد كبير منهم شهداء وجرحى.

ورغم هذا الرعب، تقول راوية إنها لم يكن أمامها خيار آخر سوى المحاولة من جديد. في اليوم التالي، 25 حزيران/يونيو 2025، عند الساعة الرابعة عصرًا، هرعت نحو منطقة نيتساريم. ومع اقترابها من نقطة التفتيش الإسرائيلية المعروفة بـ“الحلابة ”، بدأت النيران تُطلق بشكل عشوائي. مرت الرصاصات بجانبها، وارتجف قلبها من الخوف، فهربت عائدة إلى بيتها خائبة مرة أخرى.

وعندما عادت إلى شارع صلاح الدين، وجدت منزلها قد دُمّر بالكامل جراء قصفٍ استهدف المنطقة. وبين الركام، اكتشفت الفاجعة الكبرىاستشهاد حفيدتها الصغيرة.
تقول بصوت يختنق بالألم:
"
عدتُ إلى شارع صلاح الدين منهكة، لأجد بان منزل قُصِفَ بالكامل. وبين الأنقاض، اكتشفتُ الحزنَ الأخير الذي لا يُطاق: لقد أودى القصف بحياة حفيدتي."

من وجهة نظر الباحثة الميدانية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي  سعدية قويدر، فإن راوية "تعرضت للموت أكثر من مرة"، وهي الآن تخاطر بالذهاب وحدها إلى محور نيتساريم بعد أن بات أولادها يخشون الذهاب عقب استشهاد شقيقهم.
كما توضح الباحثة أن جرأتها على الاقتراب من “الحلبة” رغم إدراكها لخطر الموت تعكس حالة من "التأقلم القسري مع الخطر"، حيث أصبح تهديد الرصاص أمرًا معتادًا ومألوفًا أمام التهديد الوجودي الأكبر: الجوع.

الصور المرفقة هي صور تعبيرية فقط

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: المرأة الغزية