ما زال على قيد الحياة

09 يناير 2025

ك.م فلسطينية من محافظة جنين-مخيم جنين تبلغ من العمر 52 عام وهي أم لثلاثة أبناء، يقع بيتها على الشارع الرئيسي للمخيم حيث قامت هي وزوجها ببناء طابقين فوق البيت لأبنائهم لحين زواجهم. يتعرض المخيم كل أسبوع تقريباً لاجتياح من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي كل مرة يقوم بتدمير المخيم أكثر من السابق،  فقررت هي وزوجها مغادة منزلهم والتوجه إلى منزل أهلها خارج المخيم كون منزلها يقع في أول المخيم وذلك حفاظاً على حياتهم وحياة أبنائهم على أن يعودوا إلى المخيم بعد انتهاء الاجتياح، وعند عودتهم إلى المنزل في كل مرة كانوا يجدون الرصاص في كل مكان وجزء من المنزل مدمر فيقوم زوجها بإصلاحه.

بتاريخ 30/10/2023 حصل اجتياح مفاجئ لجنود الاحتلال الإسرائيلي في الليل ولم تستطع هي وعائلتها مغادرة المنزل، كانت الدبابات والجرفات أمام المنزل وصوت الرصاص في كل مكان، كان ابنها الأكبر خارج المنزل مع أصدقائه وحاولت الاتصال به أكثر من مرة لكن دون جدوى، تلك الليلة كانت صعبة على الجميع وتحديداً على أسرتها فلم تستطع النوم خوفاً على ابنها وهي في انتظار مكالمة ابنها ليخبرها أنه بخير.

انسحب الجنود في ساعات الصباح الباكر من المخيم وكان ينتشر في المخيم خبر حول احتمالية استشهاد ابنها وأنه يتواجد في مستشفى جنين الحكومي، حاول زوجها تهدئتها بأن هذه الأخبار ليست مؤكدة بعدْ ثم توجهوا إلى المستشفى، وعند وصولهم كان أقاربهم وأصدقائهم يصرخون ويبكون لاستشهاد ابنها، استيقظت ووجدتْ نفسها في غرفة الطوارئ  وأقاربها بجانبها يخبروها بأن تتحلّى بالقوة لكي تتواجد عند دفن ابنها والدموع لا تفارق عينيها.

بتاريخ 29/11/2023 اجتاح جنود الاحتلال الاسرائيلي المخيم مرة أخرى يجرفون المنازل والشوارع والمحلات التجارية، كان ابنها الآخر يحاول الهرب مع صديقه لكن قناص الاحتلال أصابه بسبع رصاصات في جسده هو وصديقه ووقعوا أرضاً، ثم جاءت جرافات الاحتلال وقامت بجرف أجسادهم من على الأرض وأخذهم، الأيام الصعبة والحزينة تتوالى فلم يتبقَ لديها الآن سوى ابنتها ولم تستطع دخول المخيم والعيش في منزلها مرة أخرى بعد فقدان ولديها حيث قاموا بِعَرضه للبيع وبقيت في منزل أهلها، وبعد إجرائها فحوصات تبين أنها مصابة بسرطان في الصدر فموت أولادها الإثنين جعلها ضعيفة جداً وجعل المرض ينهش من جسدها.

في أول أيام رمضان انتَبهتْ إلى هاتفها وقد وصلها عشرات المكالمات من أقاربها ثم أخبرها زوجها بأنه حصل على مقطع فيديو من أحد المستشفيات الإسرائيلية لابنها مقيد اليدين على السرير وأنه ما زال على قيد الحياة، انبعث الأمل في داخلها بعد مشاهدتها للمقطع ونَسيتْ حزنها ومرضها، أراد زوجها التأكد من صحة ما شاهده في مقطع الفيديو لذلك توجه إلى جهات عدة البعض منها أخبره بأن ابنهم قد توفي في التاريخ والمكان الذي عرفوه مسبقاً والبعض أخبره بأنه لا معلومات لديهم، ثم توجه زوجها إلى محامي ليبحث عن هوية المصاب في مقطع الفيديو الذي شاهدوه وتم التأكد بأنه ابنهم ولكنها ما زالت خائفة على حياة ابنها

وذكرت قائلة: " أخاف أن يذهب هذا الأمل الجديد الذي نور حياتي بأن يتضح أنه فعلاً مش ابني".

 

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: الغارات الليلية