براءة مقتولة

14 أكتوبر 2024

نعمة فلسطينية من محافظة طولكرم وتحديداً من مخيم نور شمس تبلغ من العمر 65 عام، مُعيلة لأسرتها منذ طلاقها حيث تعمل في مجال الزراعة بالداخل المحتل وهو عمل مرهق جداً ويعمل أولادها الذكور أيضاً بأجر يومي لمساعدتها، بتاريخ 7 أكتوبر 2023 حيث بداية حرب الإبادة على قطاع غزة منعها جيش الاحتلال من الدخول للعمل وأصبح وضعها المادي صعب جداً في ظل إعالتها لثمانية أبناء.

من الناحية الصحية، فهي تعاني من مرض الغدة الدرقية وفقدانها لعملها زاد من الضغط النفسي والذي يؤثر سلباً على مرضها ويزيده سوءاً، تتلقى العلاج من قبل طبيب خاص على حسابها في ظل عدم تغطية التأمين لعلاجاتها. يوم الخميس بتاريخ 19/4/2024 وبمكبرات الصوت  تم حظر التجول داخل المخيم ومنع أي شخص من مغادرة منزله وبقيتْ حينها مع أولادها في البيت، وفي اليوم التالي حَوّل جيش الاحتلال المنطقة التي تعيش فيها إلى ثكنة عسكرية حيث الآليات العسكرية والجرافات والجيبات التي بلغ عددها فوق العشرين، الجنود منتشرين في كل مكان وصوت الطيران يملأ المخيم.

وقفت على باب بيتها حتى ترى ما يحصل في الخارج وخلال لحظات بدأ الجنود يطلقون الرصاص نحوها فأسرعت إلى داخل المنزل، وقف الجنود على باب بيتها يصرخون ثم قاموا بتفجيره ليدخلوا إلى المنزل، كانت تصرخ من الخوف وأخبرتهم باللغة العبرية كونها تجيدها بأنها مريضة وكبيرة بالسن وأنها لوحدها في البيت بعد أن غادر أولادها إلى المدينة عند معرفتهم بحصول اجتياح.

اقتحم منزلها أكثر من ثلاثين جندي وقاموا بتكسير الأثاث، جاء الضابط وقام بضربها على وجهها ونتيجة لذلك كُسِرَ أحد أسنانها وجُرِحَ فَمُها مما أدى إلى حدوث نزيف فيه ثم أحضر عصا وقام بضربها بشكل عنيف جداً على كتفها وقَدَمِها  وطلب منها الدخول إلى غرفة وأن لا تخرج منها وإلا سيقوم بإطلاق الرصاص عليها.

صعد عدد من الجنود إلى سطح المنزل، ومع حلول العصر هرب أحد أبناء جيرانها البالغ من العمر 16 سنة إلى منزلها ودخل وهو يقول بأنه مستسلم لكن قناص الاحتلال قام بإصابته في رأسه أمام عينيها فوقع أرضاً وظل يطلق الرصاص عليه حتى امتلأ جسده بالرصاص وذكرت قائلة:

" والله شهر كامل وصورته وصوته قدامي ما يفارق خيالي، أصحى من أحلام مخيفة أظل أصرخ وأقول يمه قتلوا قدامي"، كان خارج البيت عبارة عن ساحة حرب حيث الهدم وإطلاق الرصاص الذي استمر لأكثر من سبع ساعات.
 

بقي جنود الاحتلال الإسرائيلي مدة خمسة وثلاثين ساعة في منزلها، كانت ساعات صعبة جداً يعتريها الخوف والقلق وابن الجيران ميت على الأرض غارقاً بدمه. في مغرب يومٍ آخر اقتحم الجنود منزلها مرة أخرى وأحضروا إليه عشرين رجل من المخيم بعد كلبشتهم وتغطية عيونهم، وحجزوهم حتى الصباح كدروع بشرية لحماية أنفسهم وقت الانسحاب، ثم أخرجوهم في المقدمة وانسحبوا من المخيم، وأول ما قامتْ بفعله بعد انسحابهم هو الخروج من المنزل وإخبار المخيم بوجود شهيد في منزلها، الخراب يملأ كل مكان فقد كان الطابق الثاني الذي تم تجهيزه لزواج أحد أبنائها الفترة القادمة قد دُمّر بالكامل وتم تكسير كل شيء.

وجدت ثلاثة آلاف رصاصة بعد تنظيفها للبيت، وكان وضع المخيم في حالة مأساوية حيث الشوارع مجرفة وتضررت خطوط الماء والكهرباء والشهداء والجرحى في كل مكان.