اخلاص فلسطينية من محافظة طولكرم وهي محافظة فلسطينية تقع شمال غرب الضفة الغربية، تسكن في مخيم طولكرم منذ 35 سنة وتبلغ من العمر 52 عام وهي أم ل 6 أبناء وبنات، يعاني زوجها من صعوبة في الحركة نتيجة إصابته بشلل الأطفال. أصبحتْ حياتهم صعبة وخطيرة في آخر سنتين بسبب الاقتحامات المتكررة لجيش الاحتلال الاسرائيلي وما يصاحبه من قطع للمياه والكهرباء وهدم المحلات والبيوت بواسطة الجرافات وتجريف شوارع المخيم، كان زوجها يعمل في مشغل خياطة لكن المشغل قلَّص من عدد العمال وترتب عليه فقدان زوجها لوظيفته مما زاد من صعوبة وضعهم الاقتصادي.
بتاريخ 6/11/2023 الساعة الثالثة عصراً تقريباً كانت تستعد للخروج فَسمعتْ صوت طائرة تحلق في الأرجاء وذهبت مسرعة لتحذير ابنها وأولاد جارتها من الخروج حيث كانوا متواجدين في منزل جارتها، بعد أقل من خمس دقائق هَرعتْ إليها جارتها مسرعة تخبرها باستشهاد ابنها وأصحابه جراء قصف الطائرة المحلقة في الهواء لهم أثناء تواجدهم في السيارة، وفي طريق عودتها إلى المنزل وجدت أهلها والجيران على الباب وهنا تأكدتْ من استشهاد ابنها، شعرتْ بأن الدنيا ضاقت عليها وانفجرت بالبكاء.
في ذات اليوم المؤلم اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيم ولم يتمكن أحد من الخروج من منزله حيث صوت الجرافات والرصاص يملأ الأجواء، قام الجنود بقطع الكهرباء وسَمِعَتْ صوت صعودهم على درج المنزل وذكرت قائلة: "صوت هدم وتجريف في الدار حاسين الدار بتهز فوقنا، بس الدنيا عتمة كثير مش قادرين نتحرك أو نعرف عددهم أو من أي جهة جاين"، وصل الجنود إليهم في الغرفة التي كانوا يتجمعوا فيها مسلّطين الكشّافات على وجهها وعائلتها يرتدون كاميرات مثبتة على رؤوسهم، ثم أخرجوهم من الغرفة إلى منتصف البيت وأخبرهم الضابط بأن يبقوا مكانهم وأنه سيتم هدم المنزل، غادر الجنود المنزل لكن صوت الرصاص والجرافات قريب جداً منهم.
بعد أربع ساعات من الخوف وأثناء ذهابها لإحضار غطاء لابنتها شعرت بسهم من النار لمس وجهها ودخل في أنفها ما أفقدها الوعي، وحينما استيقظتْ وجدت ابنتها الممرضة قد أوقفت نزيف أنفها، كانت إصابتها قربية جداً من أن تودي بحياتها كاملة. عاد الجنود وطلبوا منهم مغادرة المنزل والمشي لمسافة 300متر ومنعوهم من أخذ أي شيء من المنزل حتى يقوموا بهدمه، خرجوا إلى الشارع وكان هناك سيارة اسعاف لنقلها إلى المستشفى بعد إصابتها لكنها رفضت الذهاب فزوجها يعاني من صعوبة في الحركة ولا يستطيع المشي وحده والأطفال معهم فلم تتمكن من تركهم.
بقيت في ذلك الوضع لفترة ما بعد الظهر حتى انسحبت القوات الإسرائيلية من المخيم، وتم نقلها فوراً إلى مستشفى ثابت وتم إجراء العملية لها على الفور، تركت المستشفى رافضة البقاء بعد علمها بإقامة مراسم دفن ابنها وأصحابه، بعد ذهابها ومشاركتها أعادوها إلى المستشفى بعد أن أُصيبَت بدوخة وألم وسقطت على الأرض. أنهت علاجها وعندما عادت إلى منزلها وجدت نصفه مهدوم بفعل جرافات الاحتلال حيث هدمت المحل والطابق الأرضي، ودمرت المطبخ وأتلفتْ آلة الخياطة التي كانت تعمل عليها، وذكرت قائلة:
" خلّصت مرحلة علاجي وأنا اليوم صحتي جيدة ولكن كثرة الاجتياحات والتدمير في كل مرة تجعلني دائماً بحالة خوف من القادم ".