م.د فلسطينية تسكن في مخيم شعفاط في مدينة القدس، وهي أم لـ 3 أطفال وتبلغ من العمر 47 عامًا، وتحمل هوية الضفة الغربية ومعها كرت لاجئ، حيث تتلقى الرعاية الصحية في "المركز الصحي" التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين على اسم زوجها، ، أثناء فترة حملها كانت تتلقى كامل الخدمات داخل عيادة الوكالة، أما الفحوصات التي تحتاج إلى تصوير بالموجات فوق الصوتية فيجب أن تتوجه للقيام بها إلى طبيب خاص، حيث لا تتم متابعتها داخل العيادة، كما أنه لا يوجد مستشفى داخل المخيم، وفي حال احتاجت أي علاج طبي فإنها لا تستطيع التوجه إلى المستشفيات الموجودة في القدس إلا في حال كان معها تصريح للدخول إلى القدس، لذلك عندما تحتاج إلى متابعة أو عملية فتتوجه إلى مستشفى في مدينة نابلس، وفي ظل صعوبة الطرق، حيث يستغرق وصولها إلى المستشفى ساعات، فحتى الفحوصات السريعة تجريها في مستشفى نابلس لأن صدور نتيجتها في المركز الصحي التابع للوكالة يستغرق أكثر من شهر.
أُصيبَت بكسر في قدمها ذات مرة واحتاجت إلى إجراء عملية لها، لكنها لم تتمكن من الحصول على تغطية طبية لعلاجها بالمستشفيات المقدسية، لذلك تَوجهتْ إلى مستشفى نابلس بسيارة خاصة وأجرت العملية، ولم يكن بإمكانها العودة إلى بيتها في المخيم، كونها تحتاج إلى متابعة الفحوصات والعلاج في المستشفى، لذلك بَقِيَتْ في بيت أهلها مدة ثلاثة أشهر حتى تعافت.
تقول: "أصعب شيء في وضعي هو تلقي العلاج عند الحمل، فلا يوجد أجهزة متخصصة بالوكالة للمتابعة ويجب المتابعة خارج المخيم، إما رام الله أو نابلس أو القدس". وَقعتْ ذات مرة عن الدرج وهي حامل وكان حملها خطرًا من الأساس، فحدثت معها مضاعفات وكان عليها الذهاب إلى المستشفى، فتوجهت إلى مستشفى رام الله لكنها لم تتمكن من المتابعة بشكل دوري بسبب صعوبة التنقل، فأدى ذلك إلى موت الجنين في بطنها، عانت حينها من ألم جسدي ونفسي كبير نتيجة خسارة جنينها، دخلت إلى القدس مع أحد سائقي السيارات وحدها حتى وصلت مستشفى المقاصد بالقدس لتتلقى العلاج اللازم بعد موت جنينها.
بعد فترة حملت مرة أخرى وكان حملها خطيرًا بسبب وضعها الصحي، وعادت تواجه الصعوبات ذاتها المتعلقة بالمراجعة وإجراء الفحوصات، وبعد العديد من المحاولات والاتصالات التي أجراها زوجها تمكنوا من المكوث عند صديق زوجها، وحينما توجهت إلى المستشفى لم يكن وقت ولادتها قد حان بعد فعادت إلى منزلها، والأمر ذاته في المرة الثانية، وفي المرة الثالثة توجهت إلى المستشفى في القدس وفي كل مرة تُعرّض حياتها وحياة جنينها للخطر، إضافةً إلى الخسائر المالية حتى تتمكن من ولادة طفلها.
حملها الثالث كان الأصعب فكانت تحمل بِتوأم، وفي إحدى الليالي مات أحد الأجنّة في بطنها فأخبرها الطبيب أن الجنين سيأتي مشوهاً، عانت في ظل ذلك من وضع صحي صعب، وبعد خمسة أشهر من الحمل مات ابنها في بطنها، وكان عليها الذهاب إلى المستشفى لتقوم بإجهاضه، ولكن تبين أنها في حال قامت بإجهاض الجنين الميت فسيموت أيضاً الجنين الآخر الحي، وبعد محاولات إقناعها من أسرتها بأن تقوم بالإجهاض حتى لا تتضرر صحتها إلا أنها أصرت على أن تُتّم حملها حتى النهاية.
عندما حان موعد ولادتها توجهت إلى المستشفى وكانت لأول مرة أختها برفقتها، لكن الطبيب أخبرها بأن حالة طفلها تحتاج إلى حاضنة وهي غير متوفرة، لذلك طلب منها الرحيل، عادت إلى البيت تعاني ألم الولادة لأيام لا تستطيع الذهاب إلى المستشفى في القدس حتى تمكنت من إيجاد من يوصلها، لم تكن ولادتها سهلة كحال دخولها إلى القدس الذي لم يكن في أي مرة سهلاً، أنجبت طفلها وكان ميتاً،
وذكرت قائلة: "بعد ولادة طفلتي الأخيرة رفضت الإنجاب فيكفي ما مررت به من ألم ويكفي ما رأيته من ذل".