نفيسة سيدة فلسطينية من القدس تبلغ من العمر 65 عام. الأقصى بيتها الثاني تربّت فيه منذ طفولتها ولا تستطيع الابتعاد عنه حيث شهدت كل ما جرى فيه من انتهاك ودخول للمستوطنين تحت حماية الشرطة والنار تشتعل بداخلها في كل مرة تشاهدهم، فتثور عليهم ويتهجّموا عليها حتى تمكّنوا من إصدار قرار قضائي يُجدَّد فور انتهاءه يقضي بإبعادها عن المسجد الأقصى، ومع ذلك ستتوجه للصلاة على أبواب المسجد الأقصى وذكرت قائلة: " لن استسلم فلن اترك الأقصى، ولن اترك حقي بالعبادة، عندما يصدر قرار إبعادي عن دخول الأقصى سوف أتوجه للصلاة على أبوبها،حتى الافطار والغداء كنت اكله على أبواب الأقصى، فلن يمنعني أحد من حقي بالتواجد في مدينتي، وأداء حقي بالعبادة، إلا أنني لا أَسْلَم من الشرطة، والمستوطنين الذين تحميهم الشرطة، والذين يتعرضون لي طوال الوقت بالشتم والضرب والتنكيل وحتى الطرد عن أبواب الأقصى".
لم تقتصر الاعتداءات على السب فقط بل أصبحت تشمل الضرب الموجِع على كافة أنحاء جسمها، ودون مراعاة لِكبَر سنها وحالتها الصحية يقومون بدفعها وطردها، حيث يصل عدد أفراد الشرطة ممن يقومون بملاحقتها لطردها إلى (15) جندي في بعض الأحيان، وإذا ما اعترض أي شخص في الطريق على ضربها يتم اعتقاله فوراً.
كان آخر اعتقال بحقها في شهر رمضان، وبتاريخ 13/6/2024 كانت حينها مبعدة عن المسجد الأقصى إلا أنها أصرت على الدخول ليلاً والبرد يسود الأجواء وتواجدت بين عشرات الآلاف من المتوجهين للمسجد الأقصى، وأثناء جلوسها تحت شجرة زيتون داخل المسجد الأقصى أقبل نحوها 5 أشخاص بمظهر عادي غير مثير للشكوك وحينها أخبروها قائلين: "جايين عشانك نفيسة" أدركت أنهم يريدون أخذها للتحقيق، فأخذوها إلى الشرطة المتواجدة على الباب وطوال الطريق يشتمونها ويدفعونها تارة بالسلاح وتارة بأيديهم حتى وصلت إلى الشرطة.
كان بانتظارها مجموعة من الجنود لنقلها إلى مركز التحقيق حين دفعها أحدهم على وجهها لدخول الجيب، وتعرضت طوال الطريق لمختلف أشكال الضرب والشتم بكلمات سيئة باللغة العربية والتهديد بصعقها بالكهرباء في حال تحركت من مكانها. بدخولها إلى مركز التحقيق رَفَضتْ الحديث معهم لحين وصول المحامي الخاص بها والجندي يصرخ في وجهها، ثم دخلت إلى غرفة التحقيق وبدأ المحقق بتوجيه التهم لها والصراخ في وجهها ودخلت مجندة إلى الغرفة قبل أن يبدأ المحققق بالاستجواب وبَدَأتْ بخلع ملابس السيدة نفيسة مستمرة في سَبِّها وشتمها، تصرخ بأعلى صوتها هزّت به جدران الغرفة أثناء قيام المجندة بذلك وأخبر المحقق المجندة بأن تتركها، وعند مغادرتها ولكبر سنها وعدم قدرتها على حني ظهرها لارتداء الحذاء أخبرت المجندة أن تقوم بذلك كما قامت بخلعه من قدميها.
إضافةً إلى إبعادها عن المسجد الأقصى يطاردونها في كل مكان تتواجد فيه لإبعاها خارج مدينة القدس باعتبارها مصدر خطر. تقف عند باب العامود حين شاهدها الجنود وجاؤوا لطردها وإبعادها، دفعها أحدهم للأمام بقوة حين رفضت الذهاب مما تسبب في كسر يدها، وكُسِرَ إصبعها عندما تعرضت للدفع مرة أخرى على الحائط.
أثناء محاولتها الدخول للمسجد الأقصى ذات مرة قام جندي بضربها بأداة (الهراوة) على ظهرها بقوة أفقدتها القدرة على الحركة، وبَقِيَت أكثر من أسبوع مُستلقيه لا تستطيع الحركة. وذكرت السيدة نفيسة أن الاعتداءات ومنع دخول المسجد الأقصى زادت منذ بداية حرب الإبادة على غزة وقالت: "المقدسيين لن يتخلوا عن مدينتهم مهما نكَّلوا بهم".