حرمان من لمّ شمل العائلات

14 يوليو 2025

يُشكّل "قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل" تأثيرًا بالغًا على النساء الفلسطينيات في القدس الشرقية الواقعة تحت الاحتلال، لا سيما في سياق لمّ شمل العائلات. إذ تواجه العديد من العائلات الفلسطينية في القدس قيودًا صارمة فرضتها إسرائيل في إطار نهج ممنهج لتقييد الحقوق الأسرية. وقد تم تجديد هذا القانون مرارًا، وكان آخر تجديد له في آذار/مارس 2022، للمرة السابعة عشرة على التوالي. ويؤثر هذا القانون بشكل غير متكافئ على النساء الفلسطينيات وسكان القدس الفلسطينيين عمومًا. فهو يمنع آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من التقدّم بطلبات لمّ شمل مع أزواجهم أو زوجاتهم من سكان القدس أو الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، إلا في حال كان الزوج الذكر فوق سن 35 عامًا، والزوجة الأنثى فوق 25 عامًا.

علاوة على ذلك، غالبًا ما تُحرم النساء الفلسطينيات القادمات من مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة من الحصول على تصاريح إقامة مؤقتة ولمّ شمل، حتى بعد سنوات من الزواج من فلسطينيين مقدسيين أو من حملة الجنسية الإسرائيلية. ووفقًا لشهادات حديثة وردت إلى مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC)، كشفت بعض النساء المتأثرات أن تصاريح الإقامة المؤقتة المعلقة الخاصة بهن قد حاصرتهن داخل منازلهن، ولم يعد بإمكانهن الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى، نظرًا لوضعهن القانوني "غير الشرعي"، ما يجعلهن عرضة للاعتقال من قبل الشرطة الإسرائيلية.

وفي حالات الطلاق أو الخلافات الزوجية بين زوجين يحملان هويات قانونية مختلفة، غالبًا ما يُرفض منح المرأة الفلسطينية ذات الهوية الفلسطينية إجراءات لمّ الشمل، مما يعيق وصولها إلى المحاكم ومتابعة قضايا حضانة الأطفال نتيجة القيود المفروضة على حركتها.

كما تُمنع هؤلاء النساء من الوصول إلى الخدمات الأساسية المتاحة عادةً لسكان القدس من حملة تصاريح الإقامة، مثل التعليم، وفرص العمل، والخدمات الصحية، والتأمين الصحي. وتضطر العديد منهن لتحمّل العنف الأسري من أجل الحفاظ على وجودهن في القدس، في ظل اعتمادهن الكامل على أزواجهن في تجديد تصاريح الإقامة السنوية من وزارة الداخلية الإسرائيلية. وتُضاعف النزاعات المتعلقة بالحضانة بين أنظمة قانونية مختلفة، وصعوبة الوصول إلى العدالة، وغياب إنفاذ قرارات المحاكم ضمن سلطتين قضائيتين منفصلتين، من معاناة هؤلاء النساء. ويبقيهن الخوف من الترحيل القسري أو فقدان الحضانة محصورات في منازل العائلة بلا مكانة قانونية، محرومات من حقوق أساسية كحرية التنقّل والعمل، بالإضافة إلى تعرضهن للوصمة الاجتماعية المرتبطة بالطلاق.

كما وثّق الأخصائيون الاجتماعيون والمحامون في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي أن 70٪ من خدمات الدعم القانوني والاجتماعي التي يقدمها المركز للنساء المعنّفات في القدس، تُخصص لنساء من الضفة الغربية متزوجات من مقدسيين. ويؤدي مزيج السياسات الإسرائيلية المتعلقة بلمّ الشمل والتصاريح، إلى جانب الأنظمة الأبوية الراسخة واستمرار الاحتلال الاستعماري، إلى مضاعفة هشاشة النساء الفلسطينيات وزيادة معاناتهن النفسية والاجتماعية.

شهادة واحدة تعبّر عن كثير

سلّطت إحدى الشهادات التي جمعها مركز WCLAC الضوء على معاناة امرأة من غزة متزوجة من مقدسي، في سعيها لتأمين حقوقها وحقوق أسرتها في القدس، نتيجة لوضعها القانوني. إن عدم حصولها على إقامة أو تصريح في القدس حرمها من مواصلة تعليمها العالي أو الحصول على فرص عمل في المدينة. وعلى الرغم من محاولاتها المتكررة للحصول على لمّ شمل، فقد قوبلت بالرفض من قبل وزارة الداخلية ومن بعض المنظمات الحقوقية أيضًا. وكنتيجة لذلك، لا تستطيع الوصول إلى


الخدمات الصحية في الضفة الغربية عند حاجتها للعلاج. كما أن البعد الجغرافي عن عائلتها في غزة بسبب الحصار، ولّد لديها شعورًا دائمًا بالخوف من الترحيل.

وعلى المستوى الاجتماعي، تواجه تحديات إضافية من قبل عائلة زوجها الذين يستغلون عدم قدرتها على اللجوء للسلطات في حال تعرّضت للإساءة. كما أن وضعها القانوني يحرمها من اتخاذ قرار بالطلاق أو حتى المطالبة بحضانة أطفالها، رغم ما تعرّضت له من عنف داخل العلاقة الزوجية.

ش. تقول:
"منذ زواجي، أواجه مشاكل اجتماعية مع عائلة زوجي الذين يستغلون دائمًا عدم امتلاكي لهوية ويستخدمون الشرطة كأداة تهديد. كنت أختبئ إن حضرت الشرطة للبيت ولم أكن أملك هوية. عشت وأطفالي في خوف دائم من وجود الشرطة وإمكانية ترحيلي إلى غزة. هذا الخوف والقلق المستمر جعلني أغير طريقي عندما أرى مجموعة من رجال الشرطة يفتشون الهويات، مثلًا عند مدخل المسجد الأقصى. هذا الخوف والعقبات التي في طريقي أثّرت على صحتي النفسية. رغم أن أطفالي يحملون إقامة مقدسية، إلا أنهم يتأثرون بكل ما أمر به، وهذا ينعكس على حالتهم النفسية، ويجعلهم يشعرون أنهم أقل من غيرهم."

المصادر:
 الباحثة آلاء داية، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC)، 15-09-2022

*تجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير قد تم إعداده خلال عام 2023