في منطقة H2 بمدينة الخليل، تتعرض النساء والفتيات بشكل مستمر للعنف القائم على النوع الاجتماعي، سواء من قبل المستوطنين أو من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. في عام 1997، تم توقيع بروتوكول الخليل الذي قسّم المدينة إلى منطقتين: H1 وH2. نُقلت السيطرة على H1 إلى السلطة الفلسطينية، بينما بقيت H2 تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن منطقة H2 يسكنها نحو 35,000 فلسطيني، إلى جانب بضع مئات من المستوطنين الذين يقيمون في أربع بؤر استيطانية وسط البلدة القديمة. في عام 2017، وبحسب OCHA، تم إنشاء كيان بلدي جديد لإدارة هذه المستوطنات، وتمت الموافقة في العام التالي على بناء 31 وحدة استيطانية جديدة في المنطقة.
ونتيجة لذلك، أصبح مركز البلدة القديمة في الخليل مفصولًا فعليًا عن بقية المدينة من خلال نشر العوائق المادية، من ضمنها 121 حاجزًا، منها 21 حاجزًا دائم التمركز. وأظهر تقرير صادر عن OCHA أن 81% من سكان H2 الفلسطينيين يضطرون لعبور الحواجز للوصول إلى منازلهم سيرًا على الأقدام، بينما لا يستطيع 89% الوصول إلى منازلهم بالمركبات.
أما عن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في H2، فهو يشمل التهديدات والترهيب، والاعتداءات الجسدية، ورشق الحجارة، ومنع الوصول، وإطلاق النار، وتخريب الممتلكات. وغالبًا ما يُنفذ هذا العنف من قبل مستوطنين إسرائيليين ينتمون إلى جماعات متطرفة تسعى إلى توسيع السيطرة على المنطقة. وقد وُجهت انتقادات للحكومة الإسرائيلية لفشلها في وقف عنف المستوطنين، ولدعمها للاستيطان. كما وُجهت انتقادات للسلطة الفلسطينية على تقصيرها في حماية السكان.
وبالنسبة للعنف الذي يستهدف النساء والفتيات تحديدًا في H2، فقد شمل الاعتداءات الجسدية، والتحرش اللفظي، والتخويف. وقد أفادت نساء وفتيات فلسطينيات في المنطقة بتعرضهن للمضايقة والاعتداء من قبل المستوطنين الإسرائيليين، بما في ذلك البصق عليهن، والشتائم، والضرب باليد أو الركل. كما تم الإبلاغ عن رشق المنازل والمدارس بالحجارة والنفايات، ما يعرّض النساء والفتيات للخطر.
وإلى جانب العنف الجسدي، ينخرط المستوطنون الإسرائيليون أيضًا في ممارسات تمييزية ضد النساء والفتيات الفلسطينيات، مثل تقييد وصولهن إلى الأماكن العامة والخدمات، وتخريب الممتلكات الفلسطينية أو تدميرها.
وقد أجرى مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC) خمس مقابلات مع نساء فلسطينيات في منطقة H2. على سبيل المثال، ج.، وهي أم عزباء تبلغ من العمر 62 عامًا ولديها ثلاثة أبناء. تعمل ج. في الخياطة وإصلاح الملابس لإعالة نفسها. وبعد أن غادر أولادها المنزل، أصبحت تعيش وحدها في شارع الشهداء، على بعد أمتار قليلة من مستوطنة بيت هداسا. أفادت ج. أنه في 25 مارس 2022، وبينما كانت في طريقها إلى منزلها بعد زيارة والدها، تعرضت لهجوم من أكثر من 20 مراهقًا من مستوطنة قريبة، حيث قاموا بدفعها أرضًا وركلها وضربها مرارًا. استمر الاعتداء حتى تدخل الجيران لإنقاذها. نُقلت إلى المستشفى لمدة ثلاثة أيام، وأصيبت بكسر في يدها وجروح في رأسها استدعت الغرز. منذ ذلك الحين، تقول ج. إنها لا تغادر منزلها بمفردها وتعيش في حالة خوف دائم.
ز.، وهي فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات، كانت تلعب مع صديقاتها في حي تل الرميدة داخل منطقة H2، بحسب شهادة والدتها. يقع منزل ز. مقابل المستوطنة التي يسميها الفلسطينيون "مستوطنة تل الرميدة". حوالي الساعة الثانية ظهرًا، بدأ مجموعة من المستوطنين برشق الفتيات بالحجارة، وتمكنت معظمهن من الهروب، إلا أن ز. تعثرت وسقطت أرضًا، واعتدى عليها المستوطنون. نُقلت لاحقًا إلى المستشفى. تقول والدتها إن ز. لا تزال تخاف من اللعب في الخارج، وتعيش العائلة بأكملها في خوف دائم على سلامتهم.
س.،تعيش بالقرب من مستوطنة يسميها السكان "كريات خمسة". لدى س. اثنا عشر طفلًا، ويعمل زوجها حدادًا. تشارك العائلة بأكملها في زراعة الأرض المحيطة بمنزلهم. يتعرض منزل س. باستمرار لهجمات من المستوطنين المقامة مستوطنتهم على أراضي السكان المحليين. تعرض زوج س. وأبناؤها للضرب والاعتقال عدة مرات، كما فرضت عليهم غرامات بسبب "الوقوف بالقرب من سياج المستوطنة".
في يوم الجمعة، 16 يونيو 2022، تعرض زوج س.، ع.ك.، لهجوم عنيف من قبل مجموعة من المستوطنين أثناء عمله في الأرض مع ابنه. ضُرب ع.ك. بالعصي والحجارة وتعرض لنزيف حاد، ولم يتلقَ الرعاية الطبية اللازمة لمدة تزيد عن 40 دقيقة. حصل على 14 غرزة في رأسه، وحتى وقت جمع الشهادة، لم يكن قد تعافى تمامًا.
س.، البالغة من العمر 11 عامًا عند جمع الشهادة، تعيش مع عائلتها بالقرب من مستوطنة بيت هداسا. أفادت والدتها بتعرضهم لمضايقات واعتداءات متكررة من المستوطنين القريبين. تقول إن المستوطنين يضايقونهم باستمرار لدفعهم إلى مغادرة منازلهم بهدف التوسع الاستيطاني. في 10 يونيو 2022، اقتحمت قوات الاحتلال منزلهم واعتقلت س. البالغة من العمر 11 عامًا، مدعية أنها كانت تحمل سكينًا وتلوّح به باتجاه أحد المستوطنين. تقول والدتها إن ذلك مستحيل لأن "هناك سياجًا عاليًا يحيط بالمستوطنة". تم اقتياد س. وهي تصرخ وتبكي، وجرى استجوابها لمدة 30 دقيقة دون حضور أي من أفراد الأسرة البالغين.
ش. وعائلتها، والذين يعيشون أيضًا في تل الرميدة، أفادوا بأنه نتيجة للعنف والمضايقات والترهيب المستمر من المستوطنين، فإن معظم جيرانهم قد غادروا تل الرميدة.
المصادر:
1. Area H1, H2. Area H1 - H2 - Mapping Hebron’s Apartheid. (n.d.). Retrieved April 3, 2023, from https://tinyurl.com/3375y9dk.
2. United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. (2019). (rep.). The Humantarian situation in the H2 area of Hebron
City. Retrieved from https://www.ochaopt.org/sites/default/files/h2_spotlight_april_2019.pdf.
3. Ibid.
*تجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير قد تم إعداده خلال عام 2023