يعبر منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة عن ارتياحه لقرار محكمة الاستئناف في رام الله اليوم الاثنين 10/4/2017 بإدانة قاتل زوجته "سهى الديك" بتهمة القتل العمد، وبالرغم من مطالبة النيابة العامة على ضوء هذه الادانة، إنزال أقصى العقوبة بحق المتهم وفق القانون، وعدم الأخذ بأي من الأسباب التخفيفية، إلا أن هيئة المحكمة أخذت بالصلاحيات التقديرية الممنوحة لها بموجب قانون العقوبات الأردني لعام 1960 من خلال قراراها النزول بالعقوبة إلى 10 سنوات (بدلآ من الحبس المؤبد) مع احتساب المدة التي أمضاها المتهم موقوفاً ، ودون الالتفات إلى "التنازل عن الحق الشخصي بموجب المادة (99) من نفس القانون لأنه صادر عن من لا يملك هذا الحق ولا يتفق والمفهوم القانوني بإسقاط الحق الشخصي".
ويرى المنتدى أن هذا القرار يعد سابقة ينبغي البناء عليها قانونياً ومجتمعياً من أجل إغلاق كل الذرائع التي شكلت على امتداد السنوات الماضية منبعاً لاستمرار ظاهرة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني. حيث فقدت المئات من النساء أرواحهن وسقطن ضحايا لثقافة تقوم على توفير الغطاء الاجتماعي والقانوني للقتلة، بل وتشجيعهم على القيام بجرائمهم دون حسيب أو رقيب. ويلوم الضحية بدلاً من عقاب القاتل. وإذ يعبر المنتدى عن ارتياحه من هذا القرار فإنه يعبر عن إصراره على المضي قدما في الطريق من أجل محاربة جميع أشكال العنف والتمييز ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني. ويدعو كل المؤسسات النسوية والحقوقية خصوصاً والمجتمع المدني عموماً الى مواصلة النضال من أجل اجتثاث هذه الظاهرة المدمرة للنسيج الوطني والاجتماعي من مجتمعنا مرة واحدة والى الأبد، وتعزيز أسس المجتمع القائم على المساواة ونبذ التمييز والاضطهاد أياً كان شكله ومظهره والأسس التي يستند اليها.
يرى المنتدى ان قرار محكمة الاستئناف هذا اليوم جاء ليفتح حلقة جديدة من حلقات النضال النسوي والحقوقي وعلى كافة المستويات. حيث شهدت الأشهر القليلة الماضية حالة من الجدل الذي رافق قرار محكمة بداية نابلس بتاريخ 31/5/2016 بإصدار حكم مخفف على نفس القاتل، الأمر الذي استنفر في حينه كل المؤسسات المعنية للتحرك لنصرة النساء ضحايا القتل خاصة والعنف عامة. حيث قاد المنتدى حملة متواصلة للمطالبة بإعادة محاكمة القاتل، وعدم السماح له بالإفلات من العقاب الملائم على جريمته. وفي هذا الصدد فإن المنتدى يثمن عالياً دورنيابة حماية الأسرة الفلسطينية التي قامت بالاستئناف على قرار الحكم السابق المخفف، وإعادة المحاكمة، والمرافعة القوية والمتخصصة التي قدمتها نيابة حماية الأسرة عند استئنافها لقرار محكمة البداية باسم الحق العام، وهو الأمر الذي يبرز الدور الإيجابي الهام الذي يمكن للنيابة ان تلعبه في قضايا قتل النساء وخاصة بعد قرار النائب العام في شباط 2016 باستحداث نيابة حماية الأسرة من العنف. ومهد ذلك الأرضية التي يمكن البناء عليها. كما وأن صدور هذا الحكم يزيد من ثقة المواطنين والمواطنات بالقضاء الفلسطيني وسير العدالة وإنصاف النساء والفتيات ضحايا العنف والقتل.
يود المنتدى بهذه المناسبة أن يتوجه بالتقدير العالي لكل الهيئات والمؤسسات التي وقفت معه في حملته، والمشاركة المستمرة في أنشطة وفعاليات الحملة التي رافقت جلسات المحكمة. وكذلك دور ووسائل الاعلام التي ساهمت من خلال تسليط الضوء المناسب على هذه القضية وأبعادها وتداعياتها الخطرة على أمن واستقرار المجتمع وتماسك نسيجه، والأضرار الكبيرة الاجتماعية والاقتصادية... الخ التي يسبب بها استمرار القتل والعنف ضد النساء.
وأخيرا فإن المنتدى وهو يواصل معركته لاجتثاث العنف ضد المرأة، بكل أشكاله وأنواعه ومسمياته والأسس التي يقوم عليها فانه يجدد مطالباته المستمرة بتوفير الحماية والأمن للنساء الفلسطينيات، ويعتبر أن هذه المهمة مسئولية وطنية واجتماعية تقع على عاتق الحكومة وأجهزتها المختلفة، مثلما تقع على عاتق القوى والمؤسسات الحية في هذا المجتمع، خاصة أننا لا زلنا نسير في طريق النضال ضد الاحتلال واجراءاته القمعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث تناضل النساء إلى جانب الرجال في كافة الميادين من أجل التحرر والاستقلال وبناء مجتمع حر وديمقراطي تسوده العدالة والمساواة.
وبهذا الخصوص فان المنتدى ومعه كل المؤسسات الحقوقية والنسوية المعنية يشدد على ضرورة توفير كل الأسس القانونية التي تسحب الذرائع لاستمرار ظاهرة قتل النساء، من خلال إقرار وتعديل كل التشريعات التي تكفل توفير الحماية للنساء، وبشكل خاص التركيز على أهمية إقرار قانون العقوبات وقانون حماية الأسرة من العنف. وهو ما من شأنه ان يساهم في الوفاء بالتزامات دولة فلسطين تجاه المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها، وخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، من خلال موائمة كل تشريعاتها وقوانينها في هذا المجال.
معا وسويا من أجل اجتثاث العنف والقتل ضد المرأة