7 الكلمة الشهرية – شباط فبراير 2030 - مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي

الكلمة الشهرية – شباط فبراير 2030

06 فبراير 2023

 

مع بداية العام الجديد، ينطلق مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي بالعمل الدؤوب برؤيته الحقوقية النسوية لدعم ومساندة النساء الفلسطينيات وتقديم الخدمات القانوني والاجتماعية لهن، وتنفيذ برامج المناصرة لتبني قوانين وسياسات تضمن المساواة وعدم التمييز، والعمل بالشراكة مع المؤسسات النسوية القاعدية للوصول إلى النساء في جميع أماكن تواجدهن، وتنفيذ برامج التوعية والتدريب وبناء القدرات، وتفعيل الناشطات النسويات، والمتطوعين والمتطوعات لتنفيذ مبادرات مجتمعية تسهم في إحداث التغيير على حياة النساء الفلسطينيات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين. كما ويستمر المركز برصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال على النساء الفلسطينيات وأثره المضاعف على حياة النساء والأطفال مع ازدياد عنف المستوطنين والتضييقات التي تفرضها دولة الاحتلال على حقوق الشعب الفلسطيني عموما وعلى النساء والفتيات على وجه التحديد، من ضمنها سياسات الاحتلال الممنهجة لتقييد حرية الحركة والتنقل وعزل مدينة القدس، وتضييق الخناق على حق الشعب الفلسطيني بجمع شمل العائلات وحق الاقامة ما ينعكس بشكل كبير على حياة النساء خاصة في مدينة القدس.

ومع بداية العام الحالي نشهد مرحلة ثقيلة بدأت تطرق الأبواب في ظل حكومة إسرائيلية تسعى للمزيد من تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني والمزيد من انتهاكات حقوق الانسان ضد الفلسطينيين ما يعني زيادة المعاناة وتعدد اشكالها بسبب الاحتلال وممارساته. في الشهر الأول قتل الاحتلال خمسة وثلاثين فلسطينيا باقتحامه للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وتصدر الحكومة الإسرائيلية القرارات بشكل يومي لتزيد من صعوبة الحياة للمواطن الفلسطيني خاصة في مدينة القدس. 

تتوالى القرارات التي تتخذها دولة الاحتلال وحكومته الجديدة من خلال اقتراح مشاريع القوانين  التي تستهدف جميعها الضغط على الفلسطيني من سحب الهويات والابعاد وهدم المنازل ودعم المستوطنات وكل الإجراءات بزيادة هدم المنازل وقوانين التهجير الجديدة   التي تستمر في نهج العقاب الجماعي.

في ظل هذه المنافسة المحمومة بين أطراف الائتلاف الحاكم على سحق الشعب الفلسطيني بغطاء دولي وإطلاق يد المستوطنين وتسليحهم فان معاناة النساء تزداد يوما بعد يوم، ويتأثرن بشكل كبير نتيجة سياسات الاحتلال الممنهجة والعقوبات الجماعية، لأنها تزيد من أعباءهن في ظل نظام أبوي يضع المسؤوليات الرعائية داخل الأسرة وما يترتب عليها من مسؤوليات في إدارة احتياجات الأسرة في إطار مسؤولياتهن التقليدية داخل الأسرة، خاصة عند الاعتقال المنزلي للأطفال أو هدم المنازل، أو نتيجة سياسة الاحتلال   المتعلقة بالحق في الاقامة وبالسكن، ولم شمل العائلات.

الاسيرات الفلسطينيات يواجهن إجراءات جديدة وقاسية بحقهن نتيجة المنافسة بين اطراف حكومة نتنياهو على من يقوم بإيذاء الفلسطينيين/ات اكثر. ومحاولة وزراء الحكومة نيل رضا المستوطنين.

ونشير هنا الى مضاعفة معاناة النساء نتيجة عدم حصولهن على لم الشمل في القدس نتيجة القوانين التي سنها الاحتلال سابقا وبالتالي يتعرضن للعنف المركب من الاحتلال من جهة وعنف اخر أسرى مبني على النوع الاجتماعي. ان عدم حصول النساء المتزوجات في القدس على لم يشمل يزيد بشكل واضح تعرضهن للعنف الاسري وفقدان الكثير من الحقوق حال حصول نزاع أسري أو فشل الزواج، ويظهر ذلك جليا من خلال ارتفاع نسبة النساء المتوجهات لمركز المرأة من النساء المتزوجات من مقدسيين في مدينة القدس، حيث يكون اعتمادهن الكلي على أزواجهن بطلب الاقامة وجمع الشمل في مدينة القدس، وما يترتب على ذلك من معاناة جراء ازدواجية وتنازع القوانين المطبقة عليهن.

وهنا أدعوكم/ن للاطلاع على تقرير أعده فريق مركز المرأة  الشهر الماضي حول السياسات الإسرائيلية وتأثيرها على الحقوق الأسرية للنساء في القدس، ويهدف هذا التقرير إلى عرض أبرز التحديات الناتجة عن انتهاكات الحقوق الأسرية بحق النساء في القدس فيما يتعلق بقضايا الأزواج مختلفي الوثائق (الهويات)، والآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على النساء بسبب تفرقة العائلة وضياع حقوقها وحقوق عائلتها الأسرية. حيث تبين من خلال التحليل القانوني للمعلومات القائمة على الأدلة التي قام بجمعها وتحليلها فريق المركز من مصادر مختلفة، أن السياسات الإسرائيلية المتعلقة بقضايا الحقوق الأسرية من لم الشمل وقضايا تسجيل الأولاد وغيرها، لها تأثير وتقاطع مباشر مع الحياة اليومية للأسر الفلسطينية بشكل عام والمرأة والأطفال بشكل خاص.

هذه الإجراءات المتتالية تزيد المسؤولية على مؤسسات المجتمع المدني في العمل على مساندة النساء الفلسطينيات في مواجهة هذه الإجراءات ودعمهن بمختلف الأدوات وتقديم المساعدة لهن والمحاولة من التخفيف من الاثار الكارثية التي يتعرضن لها.

زيادة المسؤولية يترافق معها حملة من قبل الاحتلال ضد المؤسسات غير الحكومية الفلسطينية خاصة تلك التي تعمل في المناصرة الدولية وفضح جرائم الاحتلال من خلال التحريض عليها بمختلف الاشكال وعلى عدة مستويات من اجل اسكات الصوت الحقوقي الفلسطيني وتقليص مساحات عمله.

ما تواجهه مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية وخاصة النسوية هجمات من مختلف الجهات وفي الوقت الذي تكافح فيه المؤسسات من اجل التخفيف من اثار عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده نواجه هجوما من جهات محلية تهاجم مختلف المؤسسات النسوية والحقوقية بحجة الحفاظ على المجتمع الفلسطيني.

تستند هذه الجهات التي تدعي الفضيلة في مهاجمة المؤسسات على معلومات من  مؤسسات ومراصد إسرائيلية مثل NGOMonitor ، على سبيل المثال، التي تحرض ضد المؤسسات الحقوقية وتهاجمها على الصعيد الدولي وباتت هذه المراصد مصدرا للمهاجمين المحليين لعمل المؤسسات.

قد تختلف الحجج والذرائع لمهاجمة المؤسسات النسوية لكن هذه الحرب المفتوحة تأخذ منحا غير اخلاقي وغير قانوني من خلال التنمر والتشهير بالحقوقيات والحقوقيين وتضليل الرأي العام حول البرامج التي تقدمها هذه المؤسسات في سبيل تقوية النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتدعيمه من خلال التوعية الاجتماعية والثقافية.

بالتأكيد لا يزعجنا اختلاف الآراء ونطالب دائما بحرية الجميع في طرح آرائهم ومعتقداتهم وندافع عن هذا الحق بكل ما اوتينا من قوة لكن الامر يتجاوز قضية الاختلاف المطلوب دائما في الآراء والحوار الجدي حول القضايا الاجتماعية الى الاستهداف الشخصي والاغتيال المعنوي للحقوقيات والحقوقيين وبات هذا الامر يشكل خطرا عليهم ونخشى ان يكون مقدمة لاستهداف جسدي او يفتح الباب للاستهداف من قبل اشخاص بسطاء يتم تحريضهم بشكل يومي على المؤسسات والناشطين بها.

لا يمكن باي حال من الأحوال القبول بمثل هذه الحالة من الهجوم الصريح على الأشخاص والمؤسسات الحقوقية وما له من اثار مدمرة على المجتمع الفلسطيني ليس فقط من ناحية عرقلة المؤسسة وتشكيل الخطر عليها لكن من جهة أخرى فان استمرار هذه الحالة يؤسس لحالة من الرفض للحوار في المجتمع في مختلف القضايا وليس فقط في القضايا الحقوقية والنسوية.

لم تحرك السلطة التنفيذية أي ساكن في سبيل وقف هذه الهجمات واكتفت بموقف المتفرج رغم عشرات الشكاوى التي تقدمت بها الناشطات والحقوقيات والحقوقيين ولم تحقق في أي من قضايا التشهير بالفضاء الرقمي والواقع أيضا ضمن خطاب كراهية واضح وليس ضمن حرية التعبير التي نطالب بها دائما.

على السلطة التنفيذية تحمل مسؤوليتها في حماية كافة العاملين في المؤسسات الحقوقية والنسوية ومنع التشهير بهن ضمن القانون الذي يحفظ الحقوق وقدسية النفس ويصون الحريات. ان صمت السلطة التنفيذية عن تنفيذ القانون في هذه الحالات شجع الاعتداء اللفظي والتهجم على الناشطات خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لذا على السلطة التنفيذية التحرك لوقف الأنشطة التحريضية والتي تهدد سلامة الناشطات والناشطين في المجتمع الفلسطيني.

سنواصل عملنا رغم كل التحديات لأننا نرى ثمرة عملنا على الأرض وفي الميدان وفي كل سيدة نقدم لها الخدمات ومع كل انجاز على الساحة الدولية لفلسطين، ومع الشباب الذين يرسمون مستقبل الوطن.  سنبقى على الطريق رغم كل الهجمات التي تهدف لوقف عملنا لأن رؤيتنا أوضح وايماننا بعدالة القضايا التي نعمل من اجلها أعمق من كل هذه المحاولات.

رندة السنيورة

المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي