12
نأمل بأن تكون خطوة نشر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في جريدة الوقائع الرسمية بداية لتحرك رسمي نحو المزيد من تطبيق سياسات تعزز من حقوق الانسان وترفع من سقف الحريات المدنية والسياسية في فلسطين من خلال موائمة التشريعات والقوانين المحلية مع الاتفاقية. نعلم ان الطريق طويل لكن الخطوة إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح ويجب البناء عليها.
التحديات كبيرة بالحياة تحت الاحتلال ووجود أكثر من منظومة قانونية بالضفة وغزة والانقسام وعدم اجراء الانتخابات العامة لكن الخطوة هامة في سبيل تثبيت الالتزام القانوني لدولة فلسطين بهذا العهد الذي يمثل عصب الشرعة الدولية لحقوق الانسان ويترتب ان تنعكس هذه المنظومة في القوانين الفلسطينية.
إضافة الى انعكاس المبادئ الحقوقية في القوانين فيجب احترامها من خلال التطبيق العملي واحترام الحق بالحياة ومنع التعذيب والاعتقال التعسفي وضمان حرية الحركة والتعبير والحريات الإعلامية والصحفية بالممارسة اليومية لجهات انفاذ القانون وليس فقط بالقوانين والمراسيم وإقرار الاتفاقيات الدولية.
هذه المصادقة جاءت بشكل مباشر بعد اجتماع لجنة حقوق الإنسان، وهي اللجنة المعنية بتطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بالأمم المتحدة في جنيف والتي شارك مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي من خلال تقديم تقريرها ومداخلاتها الشفوية أمام اللجنة، ومن خلال المشاركة الفعلية في عملية استعراض تقرير دولة فلسطين لمساعدة لجنة حقوق الإنسان اعداد قائمة المسائل التي تتطلب المتابعة واتخاذ التدابير الادارية والقانونية لوضعها موضع التنفيذ.
وفي جنيف أيضا ومن خلال المشاركة في أعمال مجلس حقوق الإنسان في دورته الثالثة والخمسين، رفع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي قضية احتجاز جثامين الشهداء من قبل الاحتلال والعقوبات الجماعية المترتبة على ذلك من منظور النوع الاجتماعي وانعكاس ذلك على أمهات الشهداء وعائلاتهم. ودعا المركز الدول الأعضاء في مجلس حقوق الانسان على اتخاذ تدابير فورية لوقف احتجاز الاحتلال للجثامين والضغط على دولة الاحتلال لإعادة الجثث المحتجزة إلى عائلاتهم للدفن المناسب.
وخلال مداخلة المركز الشفوية في الاجتماع المخصص لمناقشة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن الدورة الثالثة والخمسين لمجلس حقوق الانسان في جنيف والتي قدمتها الزميلة مرام زعترة مديرة وحدة المناصرة بينت ان أكثر من 373 جثمان فلسطيني يتم احتجازها، بينها 12 طفلاً و11 اسيرا فلسطينيا. ويتم احتجاز هذه الجثث في حاويات مبردة أو في مناطق محددة تسمى "مقابر الأرقام"، حيث تضع سلطات الاحتلال ترقيما على على كل قبر ويتم حظر الوصول إلى "مقابر الأرقام" بشكل صارم.
وعرضت خلال المداخلة شهادات جمعتها الباحثات الميدانيات للمركز من أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. شهادات قاسية وتؤثر بشكل يومي على حياة النساء والعائلات اذ تقول احدى الأمهات خلال شهادتها للمركز: “يتعذب قلبي كل مرة أذهب فيها إلى المطبخ وأفتح الثلاجة، وأتخيل ابني داخلها. ان هذا يثير الكثير من الصرخات وتذرف دموعي حتى انني طلبت من بناتي نقل الثلاجة خارج المنزل. وبالفعل، تم نقلها من المطبخ".
لذلك فقد عمل المركز الى جانب ذلك تنظيم جلسة جانبية على هامش اجتماعات مجلس حقوق الانسان حول ذات القضية بالتعاون مع مركز العمل المجتمعي بجامعة القدس . تمحورت حول موضوع احتجاز جثامين الفلسطينيين بشكل غير قانوني والعقاب الجماعي الذي يمارسه الاحتلال ضد الفلسطينيين.
تشرفنا في الفعالية بمجموعة من المتحدثين البارزين والذين تناولوا القضية وهم فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الأراضي الفلسطينية المحتلة.، والدكتور منير نسيبة، المدير العام لمركز العمل المجتمعي في جامعة القدس، والمحامي محمد عليان، منسق لجنة مكافحة احتجاز جثامين الفلسطينيين، والزميلة كفاية خريم، منسقة المناصرة الدولية في مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي، وادارت الفعالية الزميلة مرام زعترة مديرة وحدة المناصرة في المركز.
من جانب آخر وعلى المستوى المحلي، أطلقنا خلال شهر تموز دورة للمحاميات والمحامين الشرعيين في مدينة الخليل, وفي رام الله والقدس اختتم المركز دورة للمحاميات والمحامين الشرعيين بعنوان: القضايا والاجراءات في المحاكم الشرعية ومدى موائمتها مع الاتفاقيات الدولية. ويأتي هذا التدريب ضمن مشروع تعزيز عدالة النوع الاجتماعي وسيادة القانون للمرأة الفلسطينية، بالشراكة مع برنامج سواسية 2، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة واليونيسف..
وعلى صعيد النساء ذوات الإعاقة فقد عملنا خلال الشهر الماضي على إطلاق حملة للتواصل معهن بإنتاج مواد إعلامية بالتعاون مع مؤسسة قادر. هذه المواد مترجمة بلغة الإشارة لذوات الإعاقة السمعية وتوضح كيفية تقديم خدمات المركز لذوات الإعاقة الحركية او السمعية، أو البصرية وتأهيل مرافق المركز وفروعه للوصول اليه وترجمة الوثائق بلغة بريل لذوات الإعاقة البصرية.
وأخيرا أطلق المركز تقرير "هل تنتحر النساء" خلال ندوة نظمها منتدى المنظمات الاهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة بالتعاون مع المركز في قاعة بلدية البيرة. يتناول التقرير الذي أعده نبيل دويكات حالات قتل النساء التي رصدها المركز ووثقها بين عامي 2021 - 2022، بعرض تلك الحالات وتحليلها من منظور نسوي، حيث دأب المركز منذ ما يقارب العشرين عاما على رصد وتوثيق قتل النساء، في إطار سعيه مع المؤسسات المعنية بالتصدي لهذه الظاهرة بما تنطوي عليه من ظلم وقهر واجحاف بحقوق النساء وفي مقدمتها حقهن في الحياة.
رندة سنيورة
المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي