رغم الأوقات الصعبة والتحديات التي نواجهها حالياً في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم في ظل انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، وآثاره غير المعروفة على المدى القصير والطويل على جميع جوانب الحياة

  • الرئيسية
  • رسائل مديرات المركز السنوية

في الوقت الذي يتغيّر فيه العالم من حولنا بشكل جذري هذه الأيام، تبقى بعض الحقائق في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما هي وآثارها علينا كمدنيين/ات فلسطينيين/ات يعيشون/ يعشن تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي يبقى على حاله.

06 أبريل 2020

رغم الأوقات الصعبة والتحديات التي نواجهها حالياً في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم في ظل انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، وآثاره غير المعروفة على المدى القصير والطويل على جميع جوانب الحياة، يسعدني أن أقدم لكنّ/م التقرير السنوي لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي للعام 2019. في الوقت الذي يتغيّر فيه العالم من حولنا بشكل جذري هذه الأيام ومعظمنا يعملون/ يعملنّ من منازلهم/نّ بالخوف والشكوك، تبقى بعض الحقائق في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما هي وآثارها علينا كمدنيين/ات فلسطينيين/ات يعيشون/ يعشن تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي يبقى على حاله.

قبل عدّة أيام، هدم فلسطيني من العيسوية في القدس الشرقية منزله بيديه لتجنّب نفقات وعقوبات إضافية بحال انتظر قيام الجرافات الإسرائيلية بعملية الهدم. في بيت لحم وأثناء إغلاقها بالكامل بسبب جائحة كورونا، دخل الجيش الإسرائيلي إلى المدينة واعتقل 3 أشخاص. هذا وتستمر المداهمات الليلية والاعتقالات وهدم المنازل والقيود المفروضة على التنقل وعنف المستوطنين بين العديد من الانتهاكات الأخرى والعقوبات الجماعية بلا هوادة. أمّا بالنسبة للاحتلال العسكري الإسرائيلي، فهو كالمعتاد دون أي اعتبار للوضع الصحي الحالي الذي يهدّد سلامة ورفاهية وحياة الجميع.

وتعكس البيانات المستندة إلى الأدلة والموثقّة من قبل المركز مع النساء الفلسطينيات المعاناة الإضافية والآثار الجنسانية للسياسات الإسرائيلية والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني على حياة النساء والفتيات في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويتفاقم هذا الأمر أكثر مع الهياكل الأبوية التي تعيش في ظلها الفتيات والنساء الفلسطينيات والاضطهاد الذي تواجهه المرأة في ظل الاحتلال الاستعماري والنظام الأبوي المنظم.

في ظل الوضع الصحي الحالي، يتوقّع المركز أن يشهد زيادة ملحوظة في حالات العنف الأسري في ظل القيود المفروضة على الحركة والإغلاق العام لجميع أفراد الأسرة المقيمين في المنزل. ويبقى العبء الإضافي على النساء داخل الأسرة ودورهن التقليدي داخل الأسرة كربات منازل ومقدمات رعاية رئيسيات، حيث يُتوقع أن تتحمل النساء أكثر من غيرهن من أفراد الأسرة العبء الأكبر من الوضع الحالي. قد تتعرض النساء من ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي اللواتي يعشن مع المعتدين عليهن إلى عنف متزايد في ظل الوضع الحالي، وقد يترددن في الإبلاغ عن حالات العنف الأسري. إن الخوف والقلق من المجهول، ورعاية الأسرة، سيجعل النساء ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي يتحملن الوضع ويُعرضن سلامتهن ورفاهيتهن من أجل أطفالهن وعائلاتهن.

يتوقع المركز زيادة في العنف ضد الفتيات والنساء، ما يلزم اتخاذ تدابير وقائية. لذلك قرّر مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي إبقاء خطوط المساعدة المجانية للاستشارة والدعم الاجتماعي والقانوني والنفسي مفتوحة، كما أنّ بيت الطوارئ التابع للمركز مفتوح أيضاً في حالة تم تحويل النساء إلينا للحماية بناءً على نظام التحويل الوطني الفلسطيني للنساء المعنفات. هذا وتم اتخاذ تدابير وقائية من خلال الحملات الإعلامية، ولجان الطوارئ والتدخلات للاستجابة الفورية لاحتياجات النساء ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، كما تم وضع خطة طوارئ طارئة وتحديثها بانتظام لتلبية الاحتياجات المستجدة.

تستعرض النشرة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي للعام 2019 بصورة مكثفة الإنجازات والتحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها مؤسستنا خلال العام. فعلى الرغم من هذه العقبات، تمكّن المركز من تحقيق العديد من النجاحات خلال العام. يتناول التقرير بشكل مكثّف جميع تلك الإنجازات والنجاحات، ولكن باختصار: كان المركز حاضراً ومفتوحاً للنساء ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي وقدّم خدمات قانونية واجتماعية عالية الجودة لهنّ لضمان سلامتهن ورفاهيتهن، خاصةً للنساء اللواتي يعانين من أزمة وبحاجة إلى حماية فورية. كما عملت شبكات الحماية التي أنشأها المركز للتدخل الفوري بالتعاون مع المؤسسات الرسمية لتوفير الحماية للنساء ضحايا العنف.

عملنا أيضاً بشكل وثيق مع شركائنا من المؤسسات القاعدية، وقمنا بدعمهم وتقديم الإرشاد والتوجيه والتدريب لهم وبناء القدرات اللازمة لضمان تمكينهم من الوصول إلى النساء في المناطق النائية والمهمشة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية لتقديم الخدمات القانونية الاجتماعية وبرامج رفع الوعي. لقد أجرينا أنشطة التوعية والتدريب بنجاح وتواصلنا مع العديد من المستفيدين/ات في جميع أنحاء الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية. هذا ونجحنا بتنفيذ برنامج المتطوعين/ات الذي يستهدف الشابات والشبان في مجتمعنا وقمنا بدعم وتشجيع مبادراتهم المجتمعية داخل مجتمعاتهم المحلية؛ فقد رأينا في جيل الشباب حافزاً للتغيير واستلهمنا منهم لمواصلة عملنا بشغف والتزام.

واصل المركز أيضا رصد وتوثيق الشهادات المستندة إلى الأدلة لضحايا الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان وجعل أصوات النساء مسموعة من خلال برنامج المناصرة الدولية، حيث قمنا بتقديم البيانات وتفاعلنا مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والإجراءات الخاصة، وكانت أهم هذه البيانات هو البيان المقدّم إلى لجنة تقصّي الحقائق بشأن الأثر الجنساني لمسيرات العودة على النساء والفتيات في قطاع غزة، والتي أصدرت تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في آذار 2019، بما فيه الشهادات من النساء اللواتي تواصلن مع اللجنة. كما راعى  الفروق بين الجنسين وتناول العديد من القضايا التي تم إبرازها في تقديمنا إلى اللجنة في أواخر عام 2018. بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم تقرير إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعكس التأثير السلبي للسياسات الإسرائيلية على الاقتصاد والحقوق الاجتماعية والثقافية والبيئية للمرأة الفلسطينية بناءً على بياناتنا المستندة إلى الأدلة مع وثائق مباشرة وثقتها باحثاتنا الميدانيات في المركز. كما حضر المركز جلسات الأمم المتحدة خلال مراجعة تقرير إسرائيل أمام اللجنة، وقدّم معلومات وتوصيات إلى اللجنة التي تبنت العديد من تلك المتعلقة بالمرأة وقضايا النوع الاجتماعي.

خلال الزيارة التي قام بها ثلاثة من أعضاء لجنة سيداو، قدّم المركز المرأة للجنة بالتعاون مع الائتلاف الفلسطيني لاتفاقية سيداو تقرير متابعة موسّع حول الإجراءات التي اتخذتها، أو لم تتخذها، دولة فلسطين فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالتوصيات والملاحظات الختامية. بعد إجراء المراجعة الأولية لتقرير اتفاقية سيداو أمام اللجنة في تموز 2018. ركّز المركز، نيابةً عن المنتدى الفلسطيني لمناهضة العنف ضد المرأة، على المادة 16 من الاتفاقية المتعلقة بقوانين الأحوال الشخصية. وحول التدابير المتخذة/ التي لم تُتخذ لمناهصة العنف ضد المرأة. خلال المداولات مع أعضاء اللجنة كررنا توصياتنا للحاجة العاجلة لاعتماد قانون حماية الأسرة، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية لضمان موائمتها مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيداو، ونشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية الفلسطينية.

في مجال المناصرة قمنا بالمناصرة على المستوى الوطني وعزّزنا جهودنا مع جميع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى لضمان تمرير القوانين والتشريعات والسياسات والبرامج التي تراعي الفوارق بين الجنسين وعملنا بجد لضمان المساواة وعدم التمييز على أساس الجنس واحترام حقوق الإنسان للمرأة.

ركّز المركز معظم جهوده خلال العام 2019 على تمرير وإقرار قانون حماية الأسرة الذي تأخر كثيراً وذلك مع شركائه من المؤسسات النسوية الأخرى على الصعيدين الوطني والدولي، حيث قمنا بتوحيد حملات المناصرة طوال العام، خاصةً خلال يوم المرأة العالمي في آذار وحملة الستة عشر يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة في تشرين ثاني-كانون الأول لمطالبة السلطة الفلسطينية والرئيس على وجه التحديد لتمرير قانون حماية الأسرة. في بداية العام 2019 كانت توقعاتنا عالية بأنّ القانون سوف يمر بناءً على توصية إلى الرئيس من قبل مجلس الوزراء السابق لتمرير القانون في كانون الأول 2018، ولكن هذه الآمال تلاشت في وقت لاحق بقرار من الرئيس بإعادة مشروع القانون مرة أخرى إلى الحكومة الجديدة لمزيد من المراجعة من قبل اللجان الفنية الحكومية. وعلى عكس السنوات السابقة، لم تشارك مؤسسات المجتمع المدني في العملية، ولم نكن متأكدين تماماً من التعديلات التي تم إجراؤها على المسودة الأخيرة. وقد تلقت دعواتنا لإجراء مشاورات وطنية حول القانون بتأكيدات من الحكومة، وهي وزيرة شؤون المرأة، بأن القانون لن يتم تمريره دون مراجعتنا وتوصياتنا. انتهى العام دون إحراز الكثير من التقدم، ولم نتلق المسودة المعدلة للمراجعة والتعليق إلا في شباط 2020.

على صعيد آخر، أعاد المركز مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية إحياء ائتلاف قانون الأحوال الشخصية. بناءً على الملاحظات الختامية للجنة سيداو، حيث وضع المركز ورقة سياسات مع شركائه لمعالجة الأحكام التمييزية في القانون واقتراح سيناريوهات محتملة لاعتماد قانون/ قوانين شخصية فلسطينية تتواءم مع اتفاقية سيداو، وخاصة المادة 16 من الاتفاقية. وركّزت حركة "إرادة"، وهي حركة اجتماعية نسوية فلسطينية، جهودها على أحكام محددة من القانون، وبالتنسيق مع ائتلاف الأحوال الشخصية تناولت ثلاث قضايا ملّحة داخل القانون: رفع سن الزواج إلى 18 سنة للرجال والنساء دون استثناءات، وإلغاء وصاية المرأة في الزواج والحقوق المتساوية في الطلاق من خلال ضمان أن يتم الطلاق فقط من قبل المحاكم. واعتبرت هذه الجهود خطوة إلى الأمام نحو الامتثال لتوصيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وجهود الحركة النسوية نحو اعتماد قوانين الأحوال الشخصية على أساس المساواة بين الجنسين وعدم التمييز.

هذا وشهد الربع الأخير من العام 2019 حملة مضادة ضخمة من قبل الأصوليين الإسلاميين، وبالتحديد حزب التحرير السياسي الإسلامي وبعض الجماعات القبلية في الخليل ضد مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي والمؤسسات النسوية الفلسطينية الأخرى، ودعت المساجد ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل انسحاب فلسطين من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما عُقدت اجتماعات عديدة في الخليل ولاحقاً في القدس هاجمت المؤسسات النسوية والتحريض ضد تلك المؤسسات واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتُركت المؤسسات النسوية بمفردها مرةً أخرى لمكافحة هذه الحملة الضخمة ولم تكن الردود الرسمية للسلطة الفلسطينية بمستوى التوقعات. كانت الحملة على وجه التحديد ضد القانون بأمر صادر عن الرئيس لرفع سن الزواج للرجال والنساء إلى سن 18 عاماً والذي دخل حيز التنفيذ في 29 كانون الأول 2019.

هذا وحمل العام 2019 أيضاً العديد من التحديات على المستويين الوطني والإقليمي. من الواضح أنّ الانتكاسة العامة في وضع حقوق الإنسان في مجتمعنا يمكن أن تعزى إلى عوامل عديدة؛ الاحتلال العسكري الإسرائيلي المطول، الانقسام السياسي الداخلي، والسياق الاجتماعي والثقافي الذي نعمل فيه حيث لا يزال النظام الأبوي وعدم التوازن في علاقات القوة لصالح الرجال سائدين.

بالنسبة لنا في المركز، ورغم كل هذه التحديات، فإننا نواصل عملنا بالتزام واهتمام لإحداث التغيير وتوفير عالم أفضل لنا ولجميع النساء الفلسطينيات. عمل الموظفين/ات بجدية واهتمام لتنفيذ خططهم/ن وكانوا مستعدين/ات للاستجابة للحالات الطارئة لضمان الحماية للنساء ضحايا العنف. داخليًا، كانت بيئة العمل إيجابية وتم عقد العديد من أنشطة الموظفين/ات لموظفينا لأغراض التنفيس والاستجمام وتجديد الطاقة، خاصة لموظفات مقدمات الخدمة لدينا اللواتي يعملن دائماً تحت ضغط شديد. عقد مجلس الإدارة اجتماعاته بشكل دوري كل شهرين وعقدت اجتماعات الجمعية العمومية في آذار وكانون الأول. كما قدمت موظفات الدعم والمساعدات في المؤسسة الدعم الإداري والمالي لموظفي/ات البرامج وأوفوا بالتزاماتهم في الوقت المناسب. حافظ المركز على علاقات جيدة مع جميع شركائه وتمكنت المؤسسة من إنهاء العام دون عجز في موازنتها.

أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكركم/ن وأشكر جميع الموظفين/ات في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي لعملهم/ن الدؤوب والتزامهم/ن بحقوق الإنسان وحقوق المرأة. يرى مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في حد ذاته عاملاً محفزاً للتغيير ونؤمن إيماناً قوياً بأنه يمكننا إحداث فرق في حياة المرأة الفلسطينية ومجتمعنا. نأمل أن تستمتعون/ تستمتعن بقراءة نشرتنا السنوية ونتطلع إلى استمرار شراكتنا.

 رنــدة سنيــــورة

المديــرة العـامـــة