احتياجات النساء وتوجهاتهن في المجتمع الفلسطيني

19 أكتوبر 2018

تقرير: نبيل دويكات
في دراسة له أوصى مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، المؤسسات التمويلية التنموية بأهمية العمل على فضح دور الاحتلال السياسي في اعاقة الدور التنموي المجتمعي من خلال الانتهاكات الواقعة على النساء، وضرورة التنسيق والتشبيك ما بين المؤسسات التمويلية والمؤسسات المحلية، من اجل التكامل والتجانس ومأسسة البرامج التنموية التي تستند على الاحتياجات الفعلية للنساء ضمن المؤسسات المحلية سواء الحكومية او غير الحكومية، ودعت الدراسة في التوصيات التي خرجت بها المؤسسات التمويلية الى العمل على تمويل البرامج التنموية لفترة زمنية كافية لإجراء التغيير المنشود وعدم الاكتفاء بدعم برامج ومشاريع محدودة المدد الزمنية والتأثير.

على الصعيد المحلي أوصت الدراسة بأهمية وضع النوع الاجتماعي على الأجندة الوطنية وتنفيذ القرارات الوزارية الخاصة بحقوق المرأة ومن ضمنها الموازنة الحساسة للنوع الاجتماعي، و"بضرورة العمل على دمج النساء في مستويات صنع القرار المختلفة على المستوى السياسي. مع أهمية عمل المؤسسات النسوية على دمج الاحتياجات العملية للنساء في محادثات السلام، وأية قرارات سياسية تتعلق بتقرير المصير في اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية". كما اوصت الدراسة أيضا بأهمية توجيه برامج التوعية حول حقوق المرأة لجميع الفئات وليس النساء فقط، ذلك ان حقوق المرأة تتقاطع مع جميع المحيطين في المستويات المختلفة التي تطرق لها البحث (الخاص، المحلي، والعام).
واوصت الدراسة المؤسسات المختلفة بالتركيز خلال تخطيط برامجها وانشطتها على تحليل الاحتياجات العملية للنساء ومن ثم العمل على ربطها بالاحتياجات الإستراتيجية انطلاقا من توجه واضح للمؤسسة بالعمل على اجراء التغيير الاجتماعي في واقع النساء، لان عملية الربط بين الاحتياجات الاستراتيجية والعملية للنساء في أي مشروع او برنامج هو الكفيل بان يساهم في عملية التغيير الحقيقي. كما اوصت المؤسسات العاملة في مجال حقوق المرأة بأهمية بناء رؤيتها ورسالتها العامة وتخطيط برامجها على أساس النوع الاجتماعي، بحيث يتم التعامل مع الديناميكية والتفاعل ما بين الجنسين، من ان التغيير الاجتماعي يتطلب مشاركة جميع الاطراف في العلاقات الاجتماعية. كم دعت التوصيات الى ضرورة اجراء تقييم سنوي للمؤسسات الحقوقية والنسوية والتنموية حول دورها ومساهمته في عملية التغيير الاجتماعي على مستويي الحاجات الاستراتيجية والعملية للنساء.

جاءت التوصيات في الدراسة التي اصدرها المركز حديثاً تحت عنوان " احتياجات النساء وتوجهاتهن في المجتمع الفلسطيني" وأشرف على اعدادها الباحثة والناشطة في مجال حقوق المرأة لونا سعادة، والتي تعمل حاليا كمستشارة للنوع الاجتماعي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في هيئة الامم المتحدة لتمكين المرأة في فلسطين. وشارك في اجراء الدراسة فريق متخصص من داخل مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي وخارجه، واستغرق اجرائها ما يقارب (6) سنوات.

أهمية الدراسة
هدفت الدراسة الى تسليط الضوء على احتياجات وتوجهات النساء في المجتمع الفلسطيني من خلال تجارب النساء أنفسهن وذلك بالإصغاء إليهن، ومساعدة المؤسسات المجتمعية عامة، والنسوية خاصة على وضع البرامج والسياسات الوطنية للنساء الفلسطينيات وذلك بالاستناد على احتياجاتهن الإستراتيجية والعملية الحقيقية. واعتمدت على منهج البحث الكيفي، لإعطاء المساحة الكافية للنساء للتعبير عن ذواتهن واحتياجاتهن، لكي تترجم وتصبح قابلة للاستفادة منها في بناء الخطط الإستراتيجية والبرامج في المؤسسات المختلفة (الأسرة، الدولة، المجتمع والسوق). وعقدت خلال مراحل اجراء الدراسة (14) حلقة نقاش في الضفة الغربية وقطاع غزة، وشاركت فيها نساء من مختلف الفئات والأعمار ومناطق الإقامة، في حين لم يتمكن فريق البحث من استكمال الجزء الثاني من خطط البحث بإجراء (60) مقابلة معمقة مع نساء في قطاع غزة، بسبب الاحداث التي شهدها قطاع غزة خلال عام 2006، وتمكن الفريق من عقد (100) مقابلة مع نساء في مختلف مناطق الضفة الغربية.

تقول مها ابو ديه مديرة المركز "ان فكرة الدراسة برزت في سياق عمل المركز في الدفاع عن حقوق النساء وقضاياهن، وعمله من أجل توفير الحماية لهن للإجابة على سؤال وهو: ما هي أولويات النساء الفلسطينيات تحت سيطرة الكولونيالية الاسرائيلية المعسكرة؟ ان أي برامج تنموية حتى تكون مستدامة تبقى منقوصة اذا لم تتداخل الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لأي مجتمع. وكما تم اثباته من خلال التجربة الفلسطينية، فمن غير الممكن ان يكون هناك تنمية مستدامة تحت الاحتلال وتبقى برامج التنمية مجزأة ويستفيد منها فئات قليلة من المجتمع وتعزز التبعية الاقتصادية والسياسية على المستوى العام."

يشير مركز المرأة في مقدمة الدراسة إلى أن الحاجة لها تبلورت في أعقاب نتائج انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، التي أدت إلى فوز حركة حماس فيها، ودور النساء في عملية التصويت ونتائجها حيث وجد المركز نفسه أمام سؤال رئيسي: كيف ستؤثر هذه النتيجة على عمل المركز في عملية الدفاع عن حقوق النساء الفلسطينيات في مجتمع تسوده ثقافة أبوية تحد من تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية للنساء؟. وقاد هذا السؤال الى أهمية البحث والاجابة على سؤال يتعلق بمعرفة ما الذي تريده وتطمح إليه النساء الفلسطينيات في الإطار السياسي الاقتصادي الاجتماعي العام؟ ذلك انه "على الرغم من وجود العديد من المبادرات من قبل المؤسسات النسوية والتنموية لعقد دراسات خاصة لفحص احتياجات الفئات المستهدفة من النساء في برامجها، إلا أنه لم يتم عكس تجارب النساء الحقيقية في هذه البرامج"، ولذلك فانه من النتائج المتوقعة من هذه الدراسة الخروج بمؤشرات عامة عن الواقع الحقيقي للنساء الفلسطينيات والتي قد تساعد المؤسسات بمستوياتها المختلفة، لتبنِّي قضايا خاصة بحقوق المرأة، قد تكون مهمشة أو غير مرئية من قبلهم.


وصف الدراسة
جاءت الدراسة في كتاب متوسط الحجم، ويتضمن اضافة إلى المقدمات والتقديمات أربعة فصول رئيسية يتضمن الأول مراجعة للأدبيات وتحديد للإطار النظري للدراسة، أما الفصل الثاني فتضمن تحديد لمنهجية الدراسة فيما احتوى الفصل الثالث على عرض للبيانات والمعلومات التي جمعت خلال الدراسة بعد تبويبها وتصنيفها. واشتمل الفصل الرابع على تحليل للبيانات والتوصيات التي خرجت بها. وقد تضمن باب التوصيات، مجموعة كبيرة من التوصيات الموجهة إلى جهات ومستويات عديدة منها توصيات على المستوى المحلي وتشمل الجانبين التخطيطي والتنفيذي، فيما خرجت مجموعة اخرى على المستوى الدولي.

يأمل مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ان تضع هذه الدراسة الاستكشافية " المسار امام باحثين آخرين للتعمق أكثر في كل مكون من مكونات المجتمع ليتم تطوير سياسات وإجراءات توفر الأمن والأمان للنساء حتى تتحرر وتنطلق طاقات نصف المجتمع مما سيسفر عنه اداء أكثر تميزا للأسرة والمجتمع".

تحميل